محمد الخالدي
وقف جميع المطالبات بالكوادر وإعادة النظر في رواتب جميع الموظفين خطوة جريئة وفي الطريق الصحيح نتمنى من الحكومة الاستمرار فيها الى النهاية بحيث تصل في الآخر الى تقييم عادل للرواتب الجامدة التي لا تتناسب على الاطلاق مع غلاء المعيشة الذي تشهده البلاد هذه الأيام.
فلا أحد يرضى بتعطيل مصالح البلاد والعباد، المضربون والمعتصمون أنفسهم بالتأكيد، ولكن الناس لا يستطيعون الوقوف متفرجين أيضا وهم يشاهدون جمود الحكومة وعدم مبادرتها لتحسين أوضاعهم.
غير أن تكليف البنك الدولي بدراسة زيادة الرواتب يثير لدى الكثيرين العديد من المخاوف، إذ يخشى كثير من المواطنين أن تأتي الدراسات بعد التمحيص و«التفحيص» لتقول انه لا حاجة إلى زيادة الرواتب لأنها عالية.
نعم رواتبنا عالية مقارنة ببنغلاديش وإثيوبيا ورواندا، ولكنها ليست كذلك مقارنة بالإمارات العربية الشقيقة التي زادت مؤخرا جميع رواتب موظفيها 70% بقرار واحد وبلا تعقيد ولا لف ولا دوران ولا تحايل على المواطن على طريقة «إخذ من جيبه وعايده».
مستوى دخل الفرد يمكن أن يحسب بأكثر من طريقة تعبر كل منها عن النوايا التي خلفها، فإن كانت النوايا سليمة والهدف تحقيق القيمة العادلة للرواتب بحيث تتناسب مع دخل الدولة وأسلوب حياة الناس ومستوى الأسعار فأهلا بهذه الدراسات والاستشارات حتى لو أتت من القمر، والمواطن لا يريد أكثر من سعر عادل لدخله الشهري يمكنه من العيش بكرامة دون أن يضطر إلى الوقوف في طوابير بيت الزكاة لأن الحكومة أصبحت محترفة في الالتفاف على رواتب هؤلاء المواطنين وسحبها بأكثر من طريقة من خلال تخليها عن توفير كثير من احتياجاتهم الضرورية التي نص عليها الدستور، وأبسطها خلو المستوصفات والمستشفيات من قائمة طويلة من الأدوية التي يضطر المواطن إلى شرائها من الصيدليات التجارية بأسعار خيالية، فضلا عن الرسوم المتزايدة في كل شيء مقابل أسوأ أنواع الخدمات التي تقدم للمواطنين في الصحة والتعليم وحتى الطرق «اللي كسّرت سياراتنا».
نعم للمبادرات الجريئة من قبل الحكومة التي من شأنها فرض هيبة القانون وحماية مصالح الدولة العليا ولكن نتمنى ألا تتخذ الحكومة ذلك ذريعة للقضاء على مؤسسات المجتمع المدني ومبادئ الحرية التي تتمتع بها الكويت لتعود بنا إلى عصور السخرة والعبودية.
مشكلة الحكومة أنها لا تملك برنامج عمل أو خططا إستراتيجية للتنمية حتى أصبحت قراراتها مجرد «ردود أفعال» لما يحدث على أرض الواقع «وشغلها كله صار يوما بيوم».