محمد الخالدي
في مثل هذه الأيام من كل عام تخرج شكاوى المعلمين ورؤساء الأقسام العلمية بالمئات والسبب إجراءات وزارة التربية وتحديدا التوجيه الفني فيما يتعلق باختبارات الوظائف الإشرافية التي تفرض عليهم بحجة قياس قدراتهم العلمية والفنية في رحلة الترقي الشاقة والتي تمتد ما بين اختبارات غالبا ما تكون مجحفة ومليئة بالأخطاء ومرورا بالمقابلات الشخصية التي لا تخلو من استهزاء وسخرية بل وحتى إهانة لهؤلاء المعلمين وانتهاء بالدورات التدريبية التي هي في الحقيقة أفضل محطة في هذه الرحلة على الرغم من عدم اهتمام الوزارة بها. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد حتى يدخل المعلمون «الناجون» من جحيم رحلة العذاب هذه في دهاليز الانتظار لسنوات حتى يصلهم الدور ويحصلوا على مقعد.
وصلتني عشرات الاتصالات من رؤساء أقسام علمية من مختلف التخصصات تقدموا في الأسبوع الماضي لاختبارات الوظائف الإشرافية (من أجل التوجيه الفني) وتكاد تكون الشكوى واحدة مضمونها أن محتوى الاختبار لا علاقة له على الإطلاق بما تم تحديده من قبل التوجيه الفني خاصة توجيه الاجتماعيات لمادة علم النفس وتوجيه التربية البدنية، واستنكروا هذا الأسلوب في التعامل معهم إذ كيف تحدد لهم مواضيع للاختبار ثم يأتي الاختبار حول مسائل مختلفة، فهل المسألة ألغاز أم تطفيش أم ماذا؟
قراءة بسيطة لنتائج اختبارات الوظائف الإشرافية - أو الصداع كما يسميها المعلمون والمعلمات - توضح حجم الخلل في هذا الموضوع، فمن مسألة «رسوب» كل هذه الأعداد من المعلمين والمعلمات ورؤساء الأقسام العلمية يتضح لنا أحد أمرين كلاهما «فضيحة»، فإما أن هذه الاختبارات لا تعكس حقيقة سوى رغبة الوزارة ممثلة بالتواجيه الفنية بعدم حصول المعلمين على حقوقهم في الترقية - ربما بسبب عدم توافر مناصب شاغرة تكفي تلك الأعداد - وهذه مصيبة لأن ما يحدث إهانة حقيقية لجموع المعلمين عندما يوصفون بالفشل وهم ليسوا كذلك.
وإما أن هؤلاء المعلمين بالفعل ليسوا أكفاء ولا يتقنون مادتهم العلمية والمصيبة عندها أعظم لأن الوزارة لا تهتم بجانب التدريس هنا بل فقط بجانب الترقية. غير أننا نميل بكل ثقة إلى الاحتمال الأول لأننا نعرف أن غالبية هؤلاء المعلمين الأفاضل على درجة عالية من الكفاءة ويحصلون سنويا على تقدير امتياز، ومنهم من يحمل شهادات عليا ومع ذلك «يرسب» في تلك الاختبارات «الحلمنتيشية»!
مرة أخرى يا وزارة التربية لا يجوز العبث بمصائر المعلمين بهذه الصورة المخجلة التي تصف مئات المعلمين بالفشل لمجرد أنهم يسعون إلى حقهم في الترقية، إذا كانت الأماكن المتوافرة قليلة فبإمكان الوزارة وقف الترشيحات لحين توافرها، أما أن يتعرض المعلمون لهذه الممارسات والضغوط والاحباطات فذلك مرفوض لأنه بالتأكيد يؤثر سلبا على العملية التعليمية التي يؤدونها على الرغم من عدم اجتيازهم اختبارات التوجيه الفني!