كانت د. رشا الصباح شديدة الحرص على جودة التعليم عندما كانت تشغل منصب وكيل التعليم العالي، كانت تدقق في كل شهادة قبل اعتمادها، ولم تكن تكتف بالإجراءات الروتينية المتبعة في وزارة التعليم العالي لأنها تعلم بألاعيب بعض المكاتب التجارية والجامعات الخاصة، ولأنها تدرك تماما خطورة هذا الملف وأضراره على المدى القريب والبعيد.
كانت تسأل الطلبة عن معاني بعض الكلمات باللغة الروسية أو الأوكرانية أو الإنجليزية وعن أوصاف مطار موسكو أو أسماء المناطق التي توجد فيها تلك الجامعات التي يحضرون منها شهاداتهم ليعتمدوها، كثير من الطلبة كانوا يمزقون شهاداتهم أمامها ويعترفون بالتزوير بعد أن تفضح أمرهم.
هكذا كانت د.رشا تدقق وتفحص وتتابع اعتماد الشهادات العليا بكل عناية حفاظا على جودة التعليم وحرصا على أداء الأمانة. أذكر ذلك بعد الصدمة التي أذهلت الجميع من تصريحات وزير التربية ووزير التعليم العالي أحمد المليفي والتي توحي بالتساهل في هذه القضية، من باب التذكير بخطورة الوضع حيث أصبحت دكاكين التعليم العالي في بعض الدول تقدم شهادات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس في الصيدلة والهندسة وعلوم البحار وغيرها بكل سهولة وحتى دون حضور الطالب، كل ما عليه أن يحول المبلغ لحساب الجامعة لترسل له شهادة مختومة ومسجلة بالسجلات الرسمية، ومعها هدية أيضا!
لا أظن أننا بحاجة إلى التذكير بخطورة السماح لبعض المزورين باعتماد شهاداتهم المزورة، فأمثال هؤلاء وإن كانت الامتيازات المالية التي سيحصلون عليها بعد اعتماد شهاداتهم هي بالتأكيد هدفهم، إلا أننا لا نضمن خطورتهم على المجتمع بعد ذلك، فمنهم من تجرأ وفتح عيادات ومكاتب هندسية واستشارية، فما الذي يمنعهم مادامت شهاداتهم معتمدة؟ لذلك لابد من الحذر والحرص فهذه أمانة ومسؤولية عظيمة ترتبط بها مصالح الناس وسلامتهم. تخيلوا موظفا في برج مراقبة المطار بشهادة مزورة كيف سيدير حركة الطائرات؟ وتخيل صيدليا بشهادة مزورة ماذا سيفعل بالمرضى؟ وماذا سيفعل مهندس مزور بمنازل الناس … الخ.
هذا ما كان يحرك د.رشا الصباح بالتأكيد، والذي نتمنى أن يحرك أصحاب الضمائر الحية في مجلس الأمة والحكومة اليوم قبل أن تحدث الكارثة.
[email protected]