أكاد أجزم بأن معظم ـ إن لم يكن كل ـ مشاكل التعليم لدينا يمكن حلها بصورة علمية سليمة من خلال المركز الوطني لتطوير التعليم، فهو الضمانة الأكيدة لإبعاد التعليم عن الصراعات السياسية وعن القرارات الفردية والمزاجية وغير المتخصصة التي تسببت في انحدار التعليم لمستويات غير مسبوقة. وأستغرب فعلا كيف يتم تجاهل هذا المركز الذي صدر بمرسوم أميري منذ 2006 بكل هذه البساطة!
البعض استبشر خيرا بتكليف المليفي بحقيبة وزارة التربية، والبعض يرى العكس. وهنا نكون في صلب المشكلة، إذ طالما بقيت سياسة التعليم مرتبطة بشخص الوزير فهذا يعني أننا سنبقى ندور حول ذاتنا ونعود في كل مرة للمربع الأول، خاصة أن عمر الوزارة الآن أقصر من عمر النملة.
أن يكون المليفي محاميا أو متحدثا جيدا أو لديه أبناء في المدارس يفترض أن ذلك كله لا علاقة له بسياسة التعليم، فحتى لو كان المليفي «سوبر مان» فلن يكون قادرا على استيعاب كل العملية التعليمية بكل مكوناتها الفنية، وبالتالي من العبث أن نعتقد بأن التعليم سيتغير لأن الوزير سيعطي المناطق التعليمية صلاحيات أكثر أو أقل أو يحول كنترول الثانوية العامة من الوزارة للمناطق وغيرها من القرارات الهامشية التي تتغير بتغير الوزير، وأهل الميدان يعرفون تماما هذه الحكاية السخيفة حول صلاحيات المناطق التعليمية، وزير يزيدها وآخر يقلصها، هكذا بكل سذاجة اختزلنا التربية والتعليم بصلاحيات المناطق التعليمية!
«يا بو أنس» تعرف أكثر من غيرك أن وجودك في الوزارة لن يدوم طويلا، فإن كنت جادا في إصلاح التعليم وإحداث تغيير حقيقي، فليكن من خلال إعادة العمل بالمركز الوطني لتطوير التعليم، لتصبح جميع القرارات الفنية المتعلقة برسم استراتيجية التعليم قرارات مدروسة على أسس علمية من خبراء التربية حول العالم وليس من أمزجة أشخاص معظمهم لا علاقة لهم بالتربية ولا التعليم، وصل أكثرهم لمناصبهم في غفلة من العقل. أرجوك اطلب ملف المركز الوطني لتطوير التعليم، واجلس مع د.غازي الرشيدي ود.غادة عيد واستمع منهما، فهذا هو الانجاز الحقيقي الذي سيطور التعليم وينقله نقلة نوعية. دع عنك التفاصيل الصغيرة، صلاحيات المناطق التعليمية أو نقل معلمة أو طالبة أو كنترول الثانوية العامة أو حتى زيادة كادر المعلمين، فهذه ليست قضايا، القضية الحقيقية هي في آلية صنع القرارات التربوية بصورة فنية سليمة من أهل الاختصاص وبعيدا عن الصراع السياسي وتدخل كل من هب ودب.
***
٭ تنويه: في المقال السابق أخطأت في ذكر ان د.رشا الصباح كانت الوكيل المساعد للتعليم العالي، والصحيح انها كانت تشغل منصب وكيل وزارة التعليم العالي، وللعلم د.رشا الصباح كانت أول سيدة تتقلد هذا المنصب بالأصالة في تاريخ الكويت.. فشكرا للأخت هند الخطيب على التنويه.
[email protected]