محمد الخالدي
عندما بدأ المسلمون يشعرون بنشوة العزة والكرامة من خلال الانتصار الذي حققه حزب الله في حربه التي كسر فيها أنف إسرائيل قبل عامين، كنت أشاهد تلك التجمعات الكبيرة في كل مكان والتي التقى فيها «المسلمون» ليعبروا في صف واحد وبصوت واحد عن تأييدهم ووقوفهم معاً ضد العدو الإسرائيلي، فذابت حينها الفوارق المذهبية والطائفية البغيضة وكان الجميع يردد «لا سنية لا شيعية وحدة وحدة إسلامية».
هذه الصورة الجميلة التي نعتقد أن الجميع يريدها ويتمناها تخفي وراءها سلبية كبيرة للعمل على تأصيلها، فنحن لا نشاهد في الواقع «أفعالا» حقيقية من شأنها أن تجعل هذه الوحدة الإسلامية هي الأساس والاختلاف في بعض التفاصيل المذهبية هي الاستثناء المقبول.
فما نراه على أرض الواقع ونعلمه يقيناً بأنه يقبع في صدور الكثيرين وأن مجرد شرارة صغيرة من أحد الحمقى كفيلة بأن تشعل فتنة طائفية لا يعلم سوى الله عواقبها.
كنت أتحدث مع الزميل والصديق العزيز الكاتب الصحافي الرزين في الزميلة «عالم اليوم» د.صلاح الفضلي حول ما أثير من شبهات وتشكيك من قبل البعض بوطنية الكويتيين الشيعة المؤيدين لحزب الله بعد اغتيال عماد مغنية، ولا أعلم سر هذه الحماسة المفاجأة من البعض بعد الصمت المطبق طوال عشرين عاماً كان فيها مغنية حياً يرزق وكان من واجب الحكومة الكويتية والذي يريد أن يشكك اليوم بولاء بعض المواطنين بسبب انتماءاتهم المذهبية أن يطالب بالقصاص العادل ممن قتل أبناء الكويت الأبرياء، فكيف نفهم هذا السكوت كل هذه السنين ثم إثارة هذا الموضوع فجأة اليوم إن لم يكن هناك من يريد أن يؤجج لنار فتنة نسأل الله أن يكفي المسلمين شرها؟!
الكلمة مسؤولية كبيرة قد لا يدرك البعض خطورتها وتبعاتها، وأتفق مع الزميل د.الفضلي على ضرورة أن يقوم المثقفون من أبناء الوطن بدور أكبر وأكثر إنسانية وأخلاقية من أجل تسليط الضوء على القضايا التي من شأنها أن تثير الشبهات وتترك في النفس شيئاً من الغضب والكراهية، كما أتفق معه على ضرورة أن تقوم الحكومة بدورها أيضاً في توضيح الحقائق التي يجهلها الكثيرون فيما يتعلق بحادثة اختطاف «الجابرية» حتى لا يتجرأ أحد على اتهام أي مواطن والتشكيك بولائه للوطن نتيجة للغموض الذي يحيط بهذه القضية وغيرها.
لسنا بحاجة إلى التأكيد على خطورة الطرح الطائفي البغيض خاصة ونحن نشاهد كل يوم آثار هذا الصراع الدموي الرهيب في العراق والتي يرتبط فيها السنة والشيعة بروابط نسب أقوى مما لدينا في الكويت، فنصف السنة هناك متزوجون من الشيعة والعكس ومع هذا لم يحل ذلك دون ظهور الحرب الطائفية بينهما. فهل يرغب من يحاول أن يثير الفتنة في أن تتحول الكويت إلى عراق آخر؟!
على الجميع أن يتقي الله قبل أن يطلق العنان للحديث الطائفي البغيض، وأن يتأمل في العواقب ليقل خيراً أو ليصمت، وليس لأحد الحق في أن يحكم على ضمائر الناس ونواياهم خاصة إذا كان الحكم مسبقاً وعنصرياً يقوم على التعصب الأعمى والتمييز الأحمق بلا منطق ولا حجة ولا دليل.