محمد الخالدي
مازلت أذكر اللقاء التنويري الأول الذي أقامته جامعة واشنطن عندما كنت أدرس هناك عام 1997، فقد قامت إدارة الجامعة حينها بتنظيم لقاء بين الطلبة «الأجانب» مع عدة شخصيات مسؤولة في ولاية واشنطن لتوضيح بعض القوانين والتي كانت مخالفتها توقع عقوبة إلغاء الڤيزا و«التسفير» من أميركا خلال 48 ساعة فقط، ومنها بالتأكيد قطع الإشارة الحمراء أو السرعة فوق المعدل، ولاتزال هذه القوانين سارية في أميركا أم الديموقراطية والحريات، فلماذا يتهم البعض إجراءات وزارة الداخلية الجديدة بأنها تعسفية وظالمة؟! مثل هذه القوانين الصارمة خاصة مع الأجانب موجودة في معظم بلدان العالم، وهي بالتأكيد السبب الرئيسي لاحترام هؤلاء الأجانب لتلك البلدان ولقوانينها، ولم نسمع أي اتهامات لهذه الدول بأنها تعسفية وغير ديموقراطية، فكل دول العالم تضع قوانين مشددة ضد المخالفين من الوافدين إليها، أما غير المخالفين فهم محل ترحيب بكل تأكيد ومكانهم في القلوب والعيون قبل الأرض.
لا أعتقد أن هناك أي تعسف أو ظلم من قبل وزارة الداخلية عندما تضع قوانين من شأنها أن تفرض هيبة الدولة والقانون، وخاصة مع الوافدين لأن تجاوزات كثير منهم فاقت الحدود المعقولة وأصبحوا يتصرفون وكأنهم في غابة بلا ضوابط، وتجاهل الكثيرين منهم لقوانين المرور بشكل خاص واضح للجميع، استهتارهم ورعونتهم وعدم مبالاتهم بالآخرين والقانون بشكل صارخ باتت تهدد حياة الأبرياء، فلماذا هذا الجزع من إجراءات الداخلية التي لا تهدف إلا إلى التنظيم وفرض هيبة الدولة؟ وما الذي يريده المعترضون على هذه الإجراءات، هل هي الفوضى والعشوائية الموجودة حاليا؟! براڤو يا وزارة الداخلية، هذه خطوة على الطريق الصحيح نتمنى أن تلحقها خطوات وخطوات أخرى لفرض النظام وتنظيف البلد ممن لا يريدون احترام القانون والعيش بصورة سليمة، وطبيعي ألا تعجب مثل هذه الإجراءات الصارمة الفئة «المتمردة» والتي استمرأت خرق القانون والعيش بفوضوية، أما من يحترم النظام والدولة فهو كما قلنا محل ترحيب وحياه الله، وهو معزز مكرم بين أهله وفي بلده الثاني الكويت.
والجميع يعلم أن الكويت بالذات تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم الذي يرتكب فيها الوافدون جرائم ومخالفات صارخة دون أن يواجهوا بأي عقوبات على قدر تلك الجرائم والمخالفات.
ولذلك أصبح من الطبيعي أن تصل درجة الاستهتار واللامبالاة من قبل كثير منهم إلى ما وصلت إليه من حدود غير معقولة وغير مقبولة أيضا، بل أصبحت نسبة جرائم ومخالفات الوافدين في الكويت هي الأعلى على مستوى العالم بسبب التساهل الكبير معهم والذي كان يحلم به ويتمناه المواطنون أنفسهم! لا يوجد من بين الكويتيين من يقبل بظلم أي إنسان في الكويت بكل تأكيد، ونحن لسنا مع التعسف وسوء استغلال القوانين بكل أشكالها، وإذا وجدت بعض الممارسات الفردية الخاطئة من بعض رجال الداخلية فهذا لا يعني وجود خلل بالقوانين وإنما يجب محاسبة المقصرين والمخطئين منهم، أما أن يقال إن «تسفير» وافد من الكويت بسبب ارتكابه مخالفة جسيمة، قد تودي بحياة الأبرياء، فيه تعسف وظلم فهذا كلام غير صحيح ولا يراد منه إلا النيل من سمعة الكويت.