محمد الخالدي
يبذل العاملون في وزارة التربية هذه الأيام وفي مختلف القطاعات جهودا جبارة قبيل الانتهاء من العام الدراسي الحالي، فلهم جميعا وبشكل خاص المعلمون والمعلمات كل الشكر والتقدير على هذه الجهود المباركة والمخلصة، ونسأل الله العظيم أن يوفق الجميع إلى خدمة الكويت وأبنائها، فهم الثروة الحقيقية وعلى أكتافهم تقوم كل حضارة وتنمية، فالإنسان هو أساس البناء والتقدم، كما أن الاستثمار في بناء هذا الإنسان وصقل شخصيته بحسن الخلق والمعارف هو أعظم استثمار يمكن أن تقوم به أية حكومة في أي بلد.
لقد عانت الكويت من الترهل والتراجع في أغلب مؤسساتها الحكومية مع الأسف الشديد في الآونة الأخيرة، ومن بين أهم تلك المؤسسات على الإطلاق وزارة التربية حيث إنها الجهة المعنية أساسا بمهمة تنشئة الأفراد وبناء شخصياتهم، ومن أكثر الأمور غرابة والتي تتكرر كل عام بنفس الأخطاء ونفس السيناريو تلك المتعلقة بالاستعداد للعام الدراسي الجديد، فعلى الرغم من وجود العطلة الصيفية والتي تكون فيها المدارس خالية تماما ومهيأة لعمل كل ما يمكن عمله من إصلاحات وترميم وتوفير للوسائل التعليمية والكتب المدرسية وغيرها، فإن الجميع يفاجأ مع بداية كل عام دراسي بآلاف الشكاوى من نقص الكتب الدراسية والطاولات والكراسي وتعطل التكييف وعدم وجود مياه الشرب الباردة للطلاب وقائمة طويلة عريضة من المشاكل التي لا تدل إلا على تخاذل بعض المسؤولين في وزارة التربية عن القيام بدورهم المطلوب.
لا نريد أن نذكّر وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي السيدة نورية الصبيح وهي مربية فاضلة قبل أن تكون وزيرة بقائمة الوعود التي أطلقتها خلال جلسة استجوابها والتي لو طبق نصفها لزالت مشكلات كثيرة تعاني منها هذه المؤسسة التربوية، فهي تعلم بالتأكيد ماذا قالت وبماذا وعدت، ولن نتحدث بلغة تشاؤمية ونصف تلك الوعود بـ «الأحلام الوردية» على الرغم من المبالغة في كثير منها، مثل توفير «لاب توب» لكل طالب وسبورة ذكية في كل فصل وكاميرات مراقبة لزيادة الأمن في كل ممر، فكلنا بالتأكيد نتمنى أن تتمكن أم عادل من تحقيق هذه الأمنيات وأن نرى مدارسنا، بحق مكانا مناسبا «للتربية والتعليم» ولكننا لن نشطح في أحلامنا كثيرا هذه المرة ولن نتمنى سوى عام دراسي جديد خال من النقص والمشاكل خاصة أن الميزانية أكبر بكثير من المطلوب متى ما حسنت النوايا وخلصت للعمل والإنجاز.
تبذل كثير من الدول اليوم جهودا مضنية وترصد ميزانيات ضخمة من أجل إعادة تأهيل بعض أبنائها ممن غرر بهم ولعب بعقولهم من لعب، ولنا أن نتخيل أن كل هذه الجهود والتكاليف والتي غالبا لا تأتي بالنتائج المرجوة منها لن تكون ضرورية لو أن مؤسسة التربية والتعليم في تلك الدول قامت بدورها على أكمل وجه خلال مراحل التنشئة الاجتماعية، فتكوين شخصية الإنسان وتلقينه قيم التسامح والتعايش السلمي مع الآخرين في الصغر أقل تكلفة وأكثر ضمانا من عمليات إعادة تهيئته في الكبر بمراحل عديدة، وبالتالي من المنطق والحكمة أن تهتم وزارة التربية بهذه العملية بصورة كبرى حتى لا يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه ندم ولا تغني منه أية جهود لإصلاح كسور لا تنجبر.
تحية إجلال وتقدير نرسلها مرة أخرى إلى جموع المعلمين والمعلمات ممن أخلصوا في أداء رسالتهم النبيلة على ما قاموا به من جهود مباركة طوال العام الدراسي الحالي، وبارك الله فيكم.