محمد الخالدي
الدعوة التي أطلقها سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد لتفعيل دور المحافظ وإعادة النظر في قانون المختاريات، دعوة تتسم بالحكمة وبعد النظر بقدر ما تحمل في طياتها من رغبة صادقة لدى سموه في إيجاد حلول عملية للنهوض بمحافظات الكويت الست، والعمل على إعمارها وتجميلها ورفع مستوى الخدمات فيها.
والمرء يعجب حقا لانحسار دور المحافظ في الكويت والذي يعلم الجميع أنه في ظل الوضع الحالي هو مجرد دور شكلي لا نرى فيه المحافظين إلا في حفلات الافتتاح وقص الشريط، مع أن دور المحافظ في دول العالم المتقدمة أكبر بكثير من هذه المجاملات، بل إن بروز الوجه الحضاري لأغلب مدن وعواصم العالم المتحضرة والجميلة قام على أكتاف ما يسمى بعمدة المدينة أو المحافظ وغير هذا من التسميات.
ولا ندري ما الذي يعرقل مثل هذه المشاريع والأفكار البناءة التي ستساهم بكل تأكيد في دفع عجلة التنمية والتطوير في بلدنا الحبيب، هل هو الخوف من النجاح أم هي عقدة «الحسد» ؟!
أتابع مثل غيري مقالات الشيخ علي الجابر محافظ العاصمة «الوطن ثم الوطن ثم المواطن» وقرأت في بعضها العديد من الأفكار الجيدة والبناءة التي يمكن أن تحقق نتائج إيجابية في نهوض محافظاتنا الست، وقد تحدث الشيخ علي الجابر عن دور المحافظ وأهمية إعطائه مزيدا من الصلاحيات ليكون له دور حقيقي في مسيرة البناء، وهو محافظ ويعرف تماماما تتطلبه هذه المسؤولية ولذلك ليس من الغريب أن يطرح بعض الأفكار المهمة والمفيدة لتطوير آلية عمل المحافظين ليساهموا في النهضة بدلا من هذه الشكليات والإشكاليات.
نتمنى من نواب الأمة وهم المؤتمنون على مصالح البلاد والعباد وعليهم تقع مسؤولية التشريع أن يتأملوا في دعوة سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد ويترجموا ما فيها من أفكار وملاحظات إلى واقع عملي ملموس لعلنا نخرج من حالة الجمود التي أصابتنا، حتى نرى السادة المحافظين وهم يتنافسون في إبراز محافظاتهم وتجميلها وإعطائها طابعا كويتيا خاصا يعبر عنها، فالوطن للجميع وعلى الجميع تقع مسؤولية النهوض به وتطويره، وإلا من يصدق أن الكويت الدولة النفطية الغنية بثرواتها القليلة بعدد سكانها والصغيرة في مساحتها تفتقر لوجود أبسط ملامح جماليات المدن الحديثة، وأنها توقفت عند بناء «أبراج الكويت» عام 1979.
كل ما نتمناه أن يعطى المحافظون - ونحن نتحدث هنا عن المنصب وليس الأشخاص - دورا وفرصة حقيقية لإثبات جدارتهم ومساهمتهم في عملية البناء ثم الحكم على نتائج أفعالهم بعد ذلك، أما أن نجتر الماضي ونقف عند حدود إلقاء التهم بالفساد وسرقة المال العام ولغة التهديد والوعيد التي سئمها الجميع ولا تعبر إلا عن مصالح شخصية ضيقة بل عن جريمة أبشع من الجرائم التي يلوحون بها، إذ كيف نفهم لغة التهديد بكشف أسماء المتورطين في جرائم معينة من نواب أقسموا على حماية مصالح وأموال الشعب وبأيديهم كل الصلاحيات الدستورية ومع ذلك لا نسمع منهم سوى «التهديد» بكشف الأسماء، ما الذي ينتظرونه للتحرك فعلا وليس قولا وحماية المال العام من السرقة والنهب، وهي التهمة التي أصبحت حجر عثرة أمام أي عملية بناء وإعمار وتطوير.
كَسّروا القيود التي تكبل المحافظين وأعطوهم فرصة لعمل شيء فقد طحننا «اللاشيء».