محمد الخالدي
بات من الواضح للجميع أن أحد أسباب الصراع السياسي المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هو التداخل في السلطات والذي بلغ حدا لا يطاق، إذ لا يعقل من نواب الأمة الذين من المفترض أن يكون دورهم الأساسي التشريع والرقابة على أداء الحكومة أن يتدخلوا ويمارسوا كل أنواع الضغط غير المبرر وتجيير حق دستوري وأداة نيابية مهمة وضرورية مثل الاستجواب من أجل تعيين رئيس قسم في دائرة من الدوائر الحكومية، كما لا يحق للحكومة أن تتدخل في دور مجلس الأمة وتجزع من كل استجواب يقدم لأحد أعضائها ويصور على أنه «تأزيم» وعدم تعاون، فماذا تريد الحكومة: نوابا «بصامين»؟
إذا كان من حق نواب الأمة أن يحاسبوا الحكومة على دورها، فمن حق الأمة أن تحاسب نوابها، فإذا كنا نعتقد كمواطنين أننا نقوم فعلا بهذا الدور أو الواجب تجاه الوطن في محاسبة نوابنا وممثلينا في البرلمان على أكمل وجه، فكيف سنفسر إذن هذا الأداء المتواضع من قبل بعض النواب حتى وصل الأمر إلى أن يطالب البعض منهم بتعطيل الدستور هناك خلل إذن في متابعتنا لنوابنا ومحاسبتهم ومخطئ من يظن أن محاسبة الشعب لنوابه تقتصر فقط عند صناديق الاقتراع في يوم الانتخاب.
جربنا في الكويت مختلف أنواع الحكومات، بالمحاصصة والتكتلات السياسية التي فرضت أجندتها هنا أو هناك وغيرها، وربما تكون تجربة حكومة التكنوقراط هي الأصلح خاصة في هذه الفترة العصيبة التي نعيشها، فالعبء كبير وتركة كل وزارة أصبحت أكبر من أن يتحملها إنسان مهما كان يملك من قدرات خارقة، وبالتالي على نواب الأمة أن يتوقفوا قليلا ويراجعوا أنفسهم قبل أن يقوموا بجولاتهم المكوكية ويمارسوا لعبتهم المفضلة في فرض أسماء معينة بغض النظر عن الكفاءة، صحيح أن العبء الأكبر يقع على عاتق الحكومة، لكن «كلنا عيال قرية وكل عارف أخاه» والجميع يعرف كيف يتم توزيع الحقائب الوزارية التي أصبح المعيار الأول فيها هو «الإرضاء» والأخير هو الكفاءة.
أتصور أنه بات من العيب الكبير أن نكرر الحديث الذي طال حول وجود مؤامرة للانقلاب على الدستور بعد حديث وتطمينات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لأكثر من مرة بعدم وجود نية لذلك، وبالتالي يفترض من نوابنا الأفاضل الكف عن هذا الموضوع والتفرغ لقاضيا البلد.
إذ لا يعقل أن تعيش البلاد بأكملها أزمة يزج فيها الدستور عنوة ويروج بقصد أو بغير قصد لفكرة الانقلاب عليه بعد مضي 46 عاما على صدوره لنجد أنفسنا مع كل صراع سياسي واختلاف في وجهات النظر مضطرين إلى أن نعيش هذا الكابوس المزعج الذي لا نعرف ولا نفهم كيف زرع في أدمغتنا ولماذا؟!