محمد الخالدي
«الله لا يقولها»، بالتأكيد لا أحد منا يريد قراءة أو سماع هذا العنوان كخبر في يوم من الأيام، ولكن هل تعتقدون أن هذا الأمر لن يحدث إذا استمرت إدارة الخطوط الجوية الكويتية بهذه الطريقة الفاشلة، والتي تعبر بكل وضوح عن عدم الاكتراث بهذه الشركة الوطنية التي لطالما احتلت المركز الأول في خدماتها وحسن إدارتها، ولكن منذ أن «زاغت» عيون الرأسماليين عليها وعقدوا العزم على خصخصتها بأكبر قدر من الربح لهم وأقل قدر من الفائدة للوطن والمواطن أصبحنا نسمع كل يوم عن عطل هنا وتأخير هناك وتذمر من كل المسافرين على متن الكويتية.
ربما يستبعد البعض أن تصل الدناءة والجشع عند البعض إلى هذه الدرجة، ولكن لا تستغربوا أبدا وانظروا كيف سيكون أداء «الكويتية» بعد خصخصتها، وكيف سيبدع نفس الأشخاص الذين يعملون الآن عمدا على الإطاحة بها وتشويه سمعتها، راقبوهم كيف سيديرونها بعد أن تكون ملكية خاصة.
فالمشكلة ليست في انعدام عقلية إدارية ناجحة تقود المؤسسة بصورة سليمة، ولكن المشكلة في وجود ضمائر مريضة لا تتورع عن إفشال المؤسسة لإجبار الجميع على قبول الخصخصة بطريقة غير عادلة، حتى إن تطلب الأمر إسقاط طائرة أو أكثر و«قتل» مئات الأبرياء، فمثل هذا التفكير هو من أبجديات الرأسمالية والرأسماليين الجشعين.
هناك عشرات الخطوط الجوية الحكومية مثل «لوفتهانزا» و«القطرية» وغيرهما من التي تحتل مراكز متقدمة بين شركات الطيران الخاصة اليوم، بل وأفضل منها بمراحل، بل إن الخطوط الجوية الكويتية ذاتها ظلت لسنوات طويلة تحتل مركزا متقدما وحققت أرباحا كبيرة وهي مؤسسة حكومية، وبالتالي الحديث عن فشل القطاع الحكومي في إدارة المشاريع التجارية غير صحيح، فشروط نجاح أي مشروع وطني متوافرة بكل تفاصيلها في الكويت، بل إن كثيرا من المشاريع الناجحة في كثير من الدول الأخرى خرجت أساسا من الكويت وبمساعدة الكفاءات الوطنية الكويتية، فالعيب ليس في نقص الكفاءة وهو أمر يفهمه ويعرفه الجميع.
صحيح أن الخصخصة باتت أمرا حتميا والمسألة أصبحت مسألة وقت ليس أكثر، ولكن يبقى على نواب الأمة وعلى المواطن نفسه أن يساهم بكـــــل ما يملك لجعل الخصخصة عادلة ومنصفة للجميع، وألا تكون على حساب الناس وأرزاقهم وإلا سنجد آلاف الكويتيين عاطلين عن العمل، يقفون في طوابير استجداء لحقوقهم المسلوبة.
فكرة إسقاط طائرة لإجبار المعترضين على خصخصة الكويتية بالطريقة التي يريدها التجار ليست من نسج الخيال، وعلى نواب الأمة الحذر من هذه اللعبة وأن يتقوا الله فينا، ويذكروا ذلك القسم العظيم الذي أطلقوه لحماية المواطنين وحماية مصالحهم، وليعلموا أنهم مساءلون ومسؤولون عما يجري ويحاك في الخفاء لنهب ثروات الوطن.