محمد الخالدي
كل عام وأنتم بخير، نسأل الله السلامة والعافية للجميع.
عام جديد يطل علينا والحال هو الحال، الصراخ ذاته والعويل وندب الحال والبكاء على الأطلال كما هو، العبارات ذاتها تتكرر مع كل عام جديد، توقفت أحلامنا منذ أعوام وماتت أمانينا وأمنياتنا ونحن نعيش أطول مسلسل كرتوني من حلقة واحدة ومشهد واحد يتكرر كل يوم، مشهد الصراع بين الحكومة والمجلس والذي لا يختلف عن مشهد الصراع بين «توم وجيري».
في كل عام نردد الدعاء ذاته بأن تكون سنة جديدة ينبذ فيها الجميع الخلافات الهامشية، ومع كل تشكيل وزاري جديد نسمع الوعود والشعارات ذاتها بفتح صفحة جديدة من التعاون بين السلطتين دون أن نرى أي ملامح لهذا التعاون.
ومع ذلك لن نتوقف عن الدعاء والدعوة الصادقة والحلم بكويت جميلة تتسع للجميع ويشترك في بنائها ونهضتها كل أبناء الوطن بلا استثناء، فسماء الكويت أرحب من أن تضيق بأحلام أبنائها.
قضايا الوطن كبيرة، وعقول بعض من يتصدون لها صغيرة، تلك هي آفتنا التي تنخر في جسد الكويت منذ أعوام، وكأننا حديثو عهد بالحرية والممارسة الديموقراطية.
تقوم البلاد ولا تقعد وتتوقف عجلة الحياة ويعيش الناس ليل نهار في شك وحيرة وقلق بسبب اتهام أحد الوزراء بالتعدي على المال العام، تسن السيوف وتغرز الخناجر ويعلو الصراخ والتهديد والوعيد، ثم بمجرد خروج هذا الوزير من الوزارة تدق طبول الانتصار ويحتفل الجميع بالنصر الكبير وتنتهي القصة عند هذا الحد، هكذا بكل بساطة تختصر قضايا الوطن ويفرط بمصالح الناس وينكمش معنى الانتصار بإجبار الوزير على الاستقالة، أما الحدث ذاته والذي أشعل نار الفتنة وأثار نبرة الغضب فلا أحد يهتم به ولا أحد يسأل عنه.
وطني ودونك قام ألف باب وألف سور، وألف أفعى تنفث السموم، وألف عين تهتك الأستار وترصد الظنون، عيون سارقيك يا وطني سوداء بلون العار، تحدق بكل همة ونشاط وتترقب أول فرصة لتنهش من جسدك المسكين.
عام جديد نعيشه بين أحضانك يا وطني بهم وكدر، بيأس وحذر، واسطوانة قديمة يولول فيها المغني أغنية حزينة منذ أعوام.