محمد الخالدي
ما أجمل أن يتحقق على أرض الواقع مفهوم الاستفادة من الأخطاء وقراءة التاريخ والخروج من المحن بدروس وعبر يستفاد منها لتجاوز تلك الأخطاء والمشكلات، تلك هي الرسالة التي قرأها كل شخص في أحاديث ومواقف قادة العرب في القمة الاقتصادية التي عقدت في الكويت برعاية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وتمخضت بالإضافة إلى العديد من القرارات المهمة عن موقف عبر بكل وضوح عن نبض الشارع العربي وما يجول بخاطره من مشاعر حزن بسبب تمزق الصف العربي. قمة الكويت كانت بحق «قمة القمم» التي استطاع فيها قادة العرب أن يعيدوا الثقة للإنسان العربي في كل مكان، أن يقولوا بصوت واضح ومسموع اننا إخوة قد نختلف ولكننا لن نفترق. في هذه القمة المختلفة شهدنا تسجيل مواقف تاريخية كبيرة لأنها خرجت من قادة كبار، شاهدنا ما كنا نتمنى أن نشاهده بالفعل فكانت بحق قمة تعبر عن آمال الشعوب العربية وتطلعاتها.
اثنان وعشرون دولة عربية تمتلك من الإمكانيات البشرية والثروات الطبيعية والمواقع الجغرافية المتميزة ما يؤهلها لأن تكون في وضع أفضل بكثير مما هي عليه اليوم، اثنان وعشرون دولة بإمكانها أن تصبح قوة مؤثرة ولاعبا رئيسيا في السياسة العالمية، ما ينقصها هو مواقف صادقة مثل التي شهدناها في قمة الكويت التي وإن كانت قمة اقتصادية في الأساس إلا أنها أصبحت قمة القمم بحق كونها تناولت هموما اقتصادية وسياسية واجتماعية يحتاج كل منها إلى قمة منفصلة. اثنان وعشرون دولة بينها من الروابط الدينية والاجتماعية ما لا يتوافر في أي تجمع دولي آخر يستحق شعوبها حياة أفضل من هذه، واليوم بعد أن وضع قادتنا الأمور في نصابها من جديد لم يبق لنا إلا أن نستمر في هذا الطريق ونترجم تلك الرؤى إلى واقع عملي ملموس يحقق للإنسان العربي ما يستحقه من حياة كريمة تتناسب مع ثرواته وقدراته الكبيرة، وهذه مسؤوليتنا نحن الشعوب، كل فرد فينا من موقعه جزء من هذا الانجاز الذي نريده ونحلم به.
آخر ما نريد سماعه هو حديث التشاؤم والانكسار من بعض الأصوات المهزومة والأقلام المأجورة، سنسمع ونقرأ بالتأكيد كثيرا من الأحاديث التي تحبط الهمم وتستكثر النجاح وتجتر الماضي، وهي أصوات يعرفها الجميع ويعرف أصحابها ممن يقتاتون على هامش التاريخ ومخلفات الماضي، ولمثل هؤلاء علينا ألا نخجل ولا نخشى من إيقافهم عند حدودهم ووضعهم في مواقعهم التي ينتمون إليها، هناك بعيدا في سلة المهملات، فاليوم لا نريد أن نسمع غير الأصوات التي تدعو للعمل والوحدة والتلاحم وتمجيد الأبطال واحتضان المقاومة البطلة، لا نريد سوى ما يترجم أحاديث قادتنا الذين لم نتوقف عن مطالبتهم بالمواقف التاريخية، فها هي المواقف التاريخية تخرج منهم فلا أقل من رد التحية بمثلها والمبادرة بالعمل بمقتضاها.
كلمة شكر كبيرة إلى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد على جهوده الكبيرة في إنجاح هذه القمة ولم شمل العرب، وكلمة شكر كبيرة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صاحب المواقف التاريخية العظيمة، وكلمة شكر كبيرة إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادتنا على ما قاموا به في هذه القمة من نجاح في إعادة الصف العربي إلى وحدته.