محمد الخالدي
لكل شخص منا «قصة حياة» تختلف في تفاصيلها وأحداثها عن الآخرين، فلا أحد يتطابق مع غيره، حتى الإخوة التوائم يختلف بعضهم عن بعض، ولكل منهم «قصة حياة» مختلفة، يولد الإنسان في زمان ومكان وبيئة اجتماعية يعيش فيها تفاصيل حياته التي تشكل شخصيته وتكوينه ومعتقداته وأفكاره، ولا توجد طريقة تجعله يغير تلك الأفكار والمعتقدات سوى «الحوار» حتى يقتنع.
قصة حياتنا هي كياننا، هي حقيقة وجودنا في هذا العالم، وعلينا ألا نتوقع أن يصبح الآخرون نسخة مطابقة لنا، فكل ما نملكه تجاه الآخرين هو محاولة إقناعهم بما نعتقد أنه صواب، حق، جميل... الخ وبالتالي من العبث أن ننتقد الآخرين على قناعاتهم ـ والتي هي نتاج «قصة حياة» مختلفة عن قصة حياتنا ـ فقط لأنها لا تشبه قناعاتنا وأفكارنا، بإمكاننا أن نتحاور، أن نتحدث بعقول وقلوب مفتوحة ومستعدة للتراجع عن أي أفكار والتخلي عن أي معتقدات يمكن أن يتبين أنها خطأ هذه هي الطريقة «الإنسانية» الوحيدة التي يمكن أن نمارس من خلالها آدميتنا ودون أن ننتهك فيها آدمية الآخرين.
علينا أن نتعلم كيف نتقبل الآخرين كما هم، بأفكارهم ومعتقداتهم وميولهم الخاصة وحتى أذواقهم الشخصية، لا يصح أن ننبذ شخصا لمجرد أنه يعشق تلك الموسيقى أو يهوى ذاك المطرب، ولا يجوز أن نكره شخصا لمجرد أنه عاش «قصة حياة» مختلفة جعلته ينتمي لهذا المذهب أو تلك الطائفة، لا يمكن أن نجبر شخصا على اعتناق ايديولوجياتنا أو معتقداتنا الدينية فقط لأننا نريد ذلك، فالقناعات ترتبط بقبول العقل لها، وعقول البشر ليس فيها «زر» يمكن أن نضغطه ليتحول الشخص بسرعة من حال إلى حال، فهي تعمل بطريقة واحدة فقط، بالاقتناع الذاتي الذي ينتج عن الحوار والتفكير السليم.
كان الفيلسوف الوجودي الألماني هيدجر يقول إن الإنسان مشروع لا يكتمل إلا بالموت، فنحن لا نستطيع أن نصف شخصا ما بأنه كذا أو كذا خلال حياته ونكون عندها جازمين، فالإنسان يتغير لأن طبيعة الحياة هكذا، الكون كله يتغير وبالتالي لا يمكن الحكم على الناس في حياتهم وكأنهم سيبقون هكذا إلى الأبد، فمن يدري أي أحداث يخبئها لنا القدر لتضاف إلى «قصة حياتنا» وتجعلنا حينها أشخاصا آخرين غير ما نحن عليه اليوم.