محمد الخالدي
السوق في الكويت أمر عجيب، لا أستطيع أن أفهم كيف يسير وما المعايير التي تتحدد الأسعار بناء عليها، فعلى ما يبدو أن السوق لدينا لا يخضع لأي نظريات اقتصادية ولا يجدي معه أفكار آدم سميث وريكاردو وكينز ولا حتى ماركس، ففي حين تتحرك أسواق العالم في اتجاه تجد السوق عندنا في اتجاه آخر وكأننا معزولون عن هذا العالم، غير أن هذه العزلة لا نراها إلا في حالة واحدة فقط هي حالة نزول الأسعار بسبب الأزمات الاقتصادية المتكررة خاصة في العقد الماضي والى اليوم، فعندما يتعلق الأمر بزيادة الأسعار يصبح السوق في الكويت وبسرعة البرق جزءا من المنظومة الاقتصادية العالمية والكل يبدأ بالترويج والتبرير لارتفاع الأسعار بحجة أن اقتصادنا مرتبط بالعالم ويتأثر بأي زيادة في أسعار البترول وما يتبعها من ارتفاع في بقية الخدمات مثل النقل والشحن وأجور العمال.
ومع أن ارتفاع البترول هو أمر ايجابي بالنسبة لنا في الكويت على اعتبار أننا دولة منتجة ومصدرة لهذه السلعة الحيوية، ومع هذا كلما ارتفعت أسعار البترول لا نسمع من المسؤولين سوى «الولولة والنواح» ورفع الأسعار، فإذا كان ارتفاع الأسعار في العالم سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار في الكويت على اعتبار أننا جزء من هذه المنظومة الاقتصادية العالمية، فلماذا لا تهبط الأسعار في الكويت عندما تهبط في كل أنحاء المعمورة؟ لماذا لا نشاهد آثار هذا الارتباط بالاقتصاد العالمي إلا في حالة ارتفاع الأسعار فقط أيها التجار؟!
العالم كله يعيش اليوم حالة من الكساد الكبير والبضائع بمختلف أنواعها تعاني من التكدس، ومفاهيم «العرض والطلب» هي من أبسط مبادئ الاقتصاد وبالتالي لا غرابة أن تهبط الأسعار في كل دول العالم على اعتبار أنها كلها تعاني من أزمة اقتصادية، ولكن الأمر مختلف في الكويت، فأسعار السيارات تزداد كل يوم في الوقت الذي وصلت إلى نصف السعر في دول أخرى، وبقية البضائع التي ازدادت بشكل جنوني خلال العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار البترول لم يطرأ عليها أي تغيير بعد أن انهار سعر النفط، فإما أننا جزء من هذا العالم ومنظومته الاقتصادية وبالتالي يفترض أن تتناسب الأسعار عندنا مع ما يحدث في بقية الدول، وإما أننا معزولون وبالتالي لا نفهم سر هذا «التباكي» ولطم الخدود المفاجئ والتحذير من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية والمطالبة بضخ المليارات لإنقاذ «بعض الشركات»
أين اختفت تلك الأصوات التي كانت «تلعلع» وتبرر الزيادة الكبيرة في الأسعار قبل عام بحجة ارتفاع الأسعار في كل دول العالم؟ أين تحليلاتكم الاقتصادية ونظرياتكم الحلمنتيشية ومصطلحاتكم «الاكتوارية»؟