محمد الخالدي
كتاب «حديقة سلوى» رحلة ثقافية وتاريخية ممتعة استطاعت من خلاله مؤلفته الشيخة منى الجابر أن تقدم توثيقا تاريخيا مدعما بالصور لفترة من تاريخ الكويت وحول موضوع محدد ربما لم يذكر من قبل، ألا وهو موضوع حدائق الحيوانات والعناية بها وهو الأمر الذي تميز به والدها الشيخ جابر العبدالله فخصص له من وقته وجهده وماله الخاص الشيء الكثير فكانت النتيجة إنشاء أول حديقة للحيوانات في الكويت ومنطقة الخليج العربي.
ومن يقرأ الكتاب ويتتبع جهود الشيخ جابر العبدالله سيدرك بوضوح معنى العزيمة والإصرار على النجاح وتحويل الأحلام إلى واقع ملموس، وهذا ما تحقق فعلا في حديقة سلوى حيث أنشئت وتنوعت فيها الحيوانات من كل شكل ولون ومن مختلف بقاع الأرض في وقت كانت فيه الحياة صعبة على الإنسان ذاته فما بالنا بالحيوان، كما ذكرت صاحبة الكتاب.
لا أذكر متى كانت آخر زيارة قمت بها لحديقة الحيوانات، ولكنها بالتأكيد قبل 15 عاما على الأقل والسبب، بكل أسف، هو الحالة المتواضعة لحديقة الحيوانات الكائنة في منطقة العمرية، فالحديقة بحسب علمي لم يجر عليها أي تطوير سواء من حيث المبنى أو من حيث أنواع الحيوانات الموجودة بها، وهذا الأمر لم يعد مقصورا على الحدائق والمتنزهات فحسب، فقد أصبح الإهمال سمة غالبة في معظم مؤسسات الدولة ومراكزها الترفيهية والخدمية أيضا، بل إن أغلب المراكز الموجودة حاليا هي عبارة عن إنجازات تحققت بجهود الخيرين وتبرعاتهم بعد أن تخلت الدولة عن دورها في هذا الجانب، ويكفي أن نحصي عدد المراكز الطبية التي أنشئت بجهود وتبرعات الخيرين من أهل الكويت لندرك هذا الواقع المؤسف، ولذلك ليس من الغريب أن تكون حديقة سلوى التي أنشأها الشيخ جابر العبدالله عام 1954 أجمل وأغنى بعشرات المرات من حديقة العمرية الحالية ونحن في عام 2009.
لم تكتف الشيخة منى الجابر بأن أمتعتنا بكتابها الجميل «حديقة سلوى» والذي استمتعت بعرضه في «الأنباء» قبل أيام فحسب، بل أصرت هذه الكاتبة والأديبة الرقيقة على أن يبلغ الكرم مداه حين أرسلت لي هدية جميلة عبارة عن طبق شوكولاته فاخر التهمته مع الأهل بعد عناء يوم كامل من العمل، فكل الشكر والتقدير للشيخة منى الجابر على هذه الهدية الرقيقة برقة مشاعرها وحسها الأدبي المرهف، وهو أمر ليس بغريب على من جمع نبل الأصل ورقة مشاعر الكاتب والأديب.