محمد الخالدي
ألقت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية خطابا في مجلس العلاقات الخارجية تضمن العديد من النقاط المهمة، ولكن الأهم في هذا الخطاب ربما يكون في «قيم» العمل التي أصبحنا نفتقدها في الكويت مع الأسف الشديد، فتأملوا في خطاب السيدة كلينتون وكيف تتحدث عن الرئيس أوباما الذي نافسته على الرئاسة وحاولت جاهدة التفوق عليه للوصول إلى البيت الأبيض، انظروا كيف تحول التنافس إلى تعاون بعد انتهاء الانتخابات لأن الهدف الآن هو مصلحة أميركا، فأين نحن من هذه القيم ولماذا يتحول التنافس عندنا إلى صراع وخصومة فاجرة تستخدم فيها كل الممنوعات؟ وقبل أن نورد مقتطفات من خطاب السيدة كلينتون لابد من تقديم كلمة شكر للأخ العزيز حاتم قربي المسؤول الإعلامي بالسفارة الأميركية الذي زودنا بهذه المادة.
«لقد قادنا الرئيس أوباما إلى التفكير خارج الحدود المعتادة، فقد أطلق حقبة جديدة من التواصل القائمة على المصالح المشتركة، والقيم المشتركة والاحترام المتبادل، ونحن نتجه إلى الأمام، وبالاعتماد على عوامل قوة أميركا الفريدة، علينا الدفع قدما بهذه المصالح عبر الشراكة وأن نروج للقيم العالمية عبر قوة قدوتنا وعبر تمكين الناس، وبهذه الطريقة، نستطيع صوغ الاتفاق العام العالمي المطلوب لدحر التهديدات وإدارة المخاطر واغتنام فرص القرن الحادي والعشرين، أميركا ستظل دائما قائدا عالميا ما دمنا مخلصين لمثلنا ونتبنى الاستراتيجيات التي تناسب الزمن الذي نعيشه، وعليه فإننا سنمارس القيادة الأميركية لبناء الشراكات وحل المشاكل التي لا تستطيع دولة لوحدها حلها، وسوف نتبع سياسات لحشد المزيد من الشركاء وتحقيق النتائج. وفي تعاطينا مع السياسة الخارجية، علينا أن نتعامل مع القضايا الملحة، المهمة، والطويلة الأجل في وقت واحد. غير أنه وفي حين أننا نضطر إلى القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد يجب أن تكون لدينا أولويات، وهي التي لخصها الرئيس أوباما في الخطب التي ألقاها من براغ إلى القاهرة، فموسكو أوكرانيا. إننا نريد عكس مسار انتشار الأسلحة النووية، ومنع استخدامها، وبناء عالم خال من تهديداتها. نريد أن نهزم وندحر الإرهابيين ونتصدى للمتطرفين العنيفين مع التواصل مع المسلمين حول العالم. نريد أن نشجع ونسهل تحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط. نريد السعي إلى تحقيق تعاف ونمو اقتصادي عالمي – عن طريق تقوية اقتصادنا، والدفع قدما بأجندة تنمية نشطة، وتوسيع التجارة الحرة والمنصفة، وزيادة الاستثمارات التي توفر فرص العمل الكريمة.
نريد أن نتصدى للتغير المناخي، وأن نزيد أمن الطاقة، وأن نضع الأساس لمستقبل مزدهر تستخدم فيه الطاقة النظيفة. نريد أن ندعم ونشجع الحكومات الديموقراطية التي تحمي الحقوق وتقدم النتائج لشعوبها. ونعتزم الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان. وسواء في أميركا اللاتينية أو في لبنان أو إيران أو ليبيريا، فإن أولئك الذين تلهمهم الديموقراطية، أولئك الذين يفهمون أن الديموقراطية هي أكثر من مجرد إجراء الانتخابات – أي أن عليها أيضا أن تحمي حقوق الأقليات وحرية الصحافة وعليها أن تبني أجهزة قضائية قوية، كفؤة ومستقلة، وتبني المجالس التشريعية والوكالات التنفيذية، والملتزمة بالديموقراطية لتقديم النتائج – هؤلاء الناس هم الذين سيجدون أن الأميركيين هم أصدقاؤهم، وليسوا خصومهم. وكما أوضح الرئيس أوباما في غانا الأسبوع الماضي، فإن هذه الحكومة ستدافع عن الحكم الشفاف الخاضع للمحاسبة، وستدعم أولئك الذين يعملون لبناء المؤسسات الديموقراطية أينما يعيشون.
لقد أقيمت مؤسساتنا العالمية والإقليمية لعالم خضع لتحول، وبالتالي يجب تحويلها وإصلاحها كذلك. وكما أعلن الرئيس أوباما عقب قمة الدول الثماني الأخيرة في إيطاليا، فإننا نسعى لمؤسسات «تجمع بين الكفاءة والقدرة على العمل بصورة جامعة». ومن الأمم المتحدة إلى البنك الدولي، ومن صندوق النقد الدولي إلى مجموعة الدول الثماني ومجموعة العشرين، ومن منظمة الدول الأميركية وقمة الأميركيتين إلى منظمتي آسيان وآبيك – كل تلك وسواها من منظومات لديها دور تضطلع به، إلا أن استمرار حيويتها وكونها ذات أهمية يعتمدان على شرعيتها ومدى تمثيلها، وكذلك قدرة أعضائها على العمل على وجه السرعة وبصورة مسؤولة حينما تنشأ المشاكل.
منذ ما يزيد على 230 عاما قال توماس بين «إننا نستطيع بما يتوفر لدينا من قوة أن نعيد تشكيل العالم من جديد». واليوم، وفي عصر جديد ومختلف جدا، فإننا مدعوون إلى استخدام تلك القوة. وإنني أعتقد أن لدينا الإستراتيجية الصحيحة، والأولويات الصحيحة، والسياسات الصحيحة، ولدينا الرئيس المناسب، كما لدينا الشعب الأميركي المتنوع والملتزم والمنفتح على المستقبل، والآن لم يبق علينا إلا التنفيذ».