محمد هلال الخالدي
رغم أنني فرحت كثيرا لخبر ترقية وكيلة وزارة التعليم العالي إلى درجة وزيرة، إلا أنني تألمت لخبر ابتعادها عن حقل التعليم العالي لنقلها للعمل مستشارة في ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء، فقد كانت د.رشا الصباح وبحق أحد أهم أركان الدفاع عن صرح التعليم العالي، حيث أعطت وبكل جدارة وإخلاص وحققت نجاحا يكاد يكون الوحيد من بين قطاعات الدولة الجامدة، نهضت بوزارة التعليم العالي خلال فترة عملها بصورة يعرفها الجميع، وحققت في هذا القطاع قفزات هائلة نحو الأمام، فقد ازدادت بفضل جهودها المخلصة عدد المقاعد المخصصة للبعثات الخارجية أضعاف ما كانت عليه قبل توليها لمنصب وكيل وزارة التعليم العالي، كما حققت العديد من النجاحات والمكاسب لأبناء الكويت الدارسين في الخارج، والذين يعرفون أكثر من غيرهم قيمة تلك الإنجازات، وبفضل جهودها المخلصة وعلاقاتها الطيبة مع الجميع استطاعت أيضا أن ترفع اسم الكويت عاليا في المحافل الدولية، فكانت بحق خير سفير لبلدها من خلال مشاركاتها المتميزة والتي كانت تلفت الأنظار دوما في المؤتمرات الأكاديمية العالمية.
د.رشا الصباح شخصية أكاديمية من الطراز الفريد، دقيقة في عملها بشكل لافت، منظمة جدا ومتابعة جدا لكل ما يجري، وحريصة جدا في كل ما يتعلق بمصلحة أبناء الكويت الدارسين في الخارج، فتجدها وبمجرد علمها بحدوث كارثة ما في إحدى الدول التي تحتضن طلابنا في الخارج تبادر فورا لإجراء الاتصالات اللازمة ومتابعة أحوالهم مع أعضاء سفاراتنا ومكاتبنا الثقافية هناك، لا تهدأ ولا ترتاح حتى تطمئن على الجميع، فتبادر فورا إلى طمأنة ذويهم وأهلهم في الكويت، وقد شهدت بنفسي العديد من هذه المواقف ورأيت عن قرب حرصها واهتمامها البالغين ونقلت عنها العديد من التصريحات بهذا الشأن.
كنت أتمنى أن أرى د.رشا الصباح وزيرة للتعليم العالي، وأعتقد جازما أن هناك مئات من الأكاديميين والمهتمين بالتعليم العالي يشاركونني هذه الأمنية، ليس لموقف شخصي من د.رشا الصباح لأنها ليست بحاجة إلى شهادة من أحد، فأفعالها تسبقها وإنجازاتها تتحدث عنها بكل فخر واعتزاز، وإنما هي أمنية واقعية يعيها تماما كل من عرف د.رشا الصباح عن قرب وتعامل معها وشاهد تفانيها وإخلاصها ومحبتها لجميع أبنائها الطلبة وحرصها الشديد على تذليل جميع العقبات التي تعترض طريقهم. أعتقد بأن الكويت قد خسرت واحدة من أهم الكفاءات الوطنية بهذا القرار، فكلنا يعرف ماذا تعني إحالة شخصية قيادية إلى منصب مستشار، وأعتقد بأن وزارة التعليم العالي قد خسرت أحد أهم أركانها، خسرنا محاربة من الطراز النادر ضد «المتاجرين» بالتعليم العالي وأصحاب «الدكاكين الجامعية»، خسرنا شخصية أكاديمية لاتزال تزخر بالكثير ولديها الكثير لتقدمه لوطنها في واحد من أهم القطاعات الحيوية في البلاد، مع أن الوقت لم يفت بعد، ولايزال هناك أكثر من فرصة للاستفادة من جهودها وخبرتها الطويلة لتطوير التعليم العالي بشكل خاص، فلطالما كان مطلب فصل وزارة التعليم العالي عن وزارة التربية مطلبا ضروريا، نادى به كل من يعي قيمة التعليم ودوره في نهضة الدول.
كلمة شكر كبيرة نوجهها إلى د.رشا الصباح على كل تلك الجهود المخلصة في تطوير التعليم العالي، فما أنجزته ليس بالقليل، وستظل تلك البصمة المشرفة محفورة في ذاكرة الكويت ومسيرتها التعليمية، ونبارك لها الترقية إلى درجة وزير، مع تمنياتنا لها بحياة سعيدة ومواصلة مسيرة عطائها المعهود للكويت في الموقع الجديد.
[email protected]