الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف، خائنة بعيون أخواتها، وفيّة بعيون الشجرة، ومتمردة بعيون الفصول.. كل يرى الموقف من زاويته.
مكسيم غوركي - فيلسوف وأديب روسي ماركسي
****
كتب إيمانويل ريكوتشي: «أصبح يبدو للمرء في أوروبا كأنه يعيش في مزبلة دولية»، ويتهم هذا الصحافي الايطالي المعادي للأجانب - والذي يمثل تيارا يمينيا متطرفا عاد ليجتاح أوروبا من جديد - يتهم حكومات أوروبا بالكسل وسوء تقدير الخطر الحقيقي، الذي باعتقاده يتمثل باللاجئين والمسلمين عموما، ويتهكم عليهم بأن اهتماماتهم ضيقة تنحصر في كتب تعليم الجنس في المدارس الابتدائية وكيفية طرد الرب من الأرض وسبل تحويل الكنائس إلى مطاعم وجبات سريعة على الطريقة الأميركية!
يبدو أن جهود سبعين عاما في محاولة التغلب على الشعبوية التي أنتجت هتلر على وشك أن تذهب سدى.. أوروبا اليوم تصارع لتثبيت هويتها الانسانية أكثر مما تصارع لتحقيق مصالحها الاقتصادية.
****
بعد تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية بيوم واحد، احتضنت مدينة كوبلنز الألمانية مؤتمر «أوروبا الجديدة» والذي نظمه قادة أحزاب اليمين المتطرف وأهمهم فرواكه بيتري زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا»، ومارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، وغيرت فيلدرز زعيم اليمين المتطرف الهولندي، إضافة لزعماء اليمين المتطرف في التشيك وپولندا وغيرها.. تجمعهم كراهية الاسلام ووجود الأجانب في بلادهم وغضبهم من الاتحاد الأوروبي ورغبتهم في تحطيم هذا الاتحاد والعودة للدول القومية - والتي لم تعرف يوما شيئا آخر غير الحروب فيما بينها - دون أن يقدموا أي تصور لمشروع اقتصادي أو سياسي بديل.
الغريب أنهم رفعوا شعار «الحرية لأوروبا» في مؤتمرهم المتطرف، وبشروا على لسان الشعبوية الأكبر مارين لوبان بخروج المزيد من دول الاتحاد الأوروبي بعد اكتمال خروج بريطانيا، وذلك تحت «تأثير الدومينو». أما المؤلم، فهو تزايد شعبية هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة قبيل الانتخابات لمعظم دول أوروبا (برلمان هولندا في مارس القادم، الرئاسة في فرنسا ابريل القادم، برلمان ألمانيا في سبتمبر القادم).. ترى، أي عالم سيشكله أمثال هؤلاء الحمقى؟!
****
رئيس جمهورية الصين «الشيوعي» شي جين بينغ دافع بشراسة عن العولمة والتجارة الحرة - وهي أهم مظاهر الرأسمالية المتوحشة - وذلك في كلمته التي ألقاها قبل أيام في مؤتمر دافوس الاقتصادي، في حين قام «الرأسمالي الملياردير» رئيس الولايات المتحدة «الرأسمالية» دونالد ترامب قبل أيام بتوقيع قرار انسحاب أميركا من اتفاقية التجارة الحرة مع دول المحيط الهادئ (يضم 12 دولة)، وهو اليوم من أكبر منتقدي العولمة والسوق الحرة ومن أخطر من يهددهما بشروطه التعجيزية التي أرعبت الشركات والبنوك الرأسمالية حول العالم.. اننا حقا نعيش وضعا غريبا، في عالم جديد يتشكل!
****
رغم عودة روسيا كقطب قوي لينهي تفرد أميركا بالعالم منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، ومع هذا.. الصراع القادم باعتقادي سيكون بين الولايات المتحدة والصين أكثر من أي دولة أخرى.
[email protected]