كتب الفيلسوف الألماني المضطرب فريدريش نيتشه قصيدة «إلى الإله المجهول»، تكشف جانبا آخر من شخصيته المحيرة، فهو رغم كونه فيلسوف العدمية والإلحاد الأكبر، إلا أن القصيدة تكشف حجم الفراغ الروحي في داخله والخوف من الموت بلا إيمان، فهو يبحث عن إله يريد أن يعرفه ويخدمه.
وفي القصيدة ثراء وعمق لا يمكن أن نجدهما في فلسفة نيتشه نفسه ولا في غيرها، مرد ذلك إلى تحرر الشعر من قيود التسلسل المنطقي والبناء العقلاني التي تتطلبها الفلسفة.. في الشعر جموح لا تحتمله الفلسفة.
يقول نيتشه:
أيها الإله المجهول،
لمرة واحدة قبل أن أرحل
أود لو أعرفك
أريد أن أدير عيني إلى القادم
في وحدتي، أرفع اليدين نحوك
نحو من أبحث عنده عن ملاذ
أنت يا من أقمت له في أعماق قلبي
الهياكل الفخمة
فليناديني في أي وقت صوتك
****
أيها المجهول.. أريد أن أعرفك
أنت يا من تدخل أعماق روحي
أنت يا من تعبر قلبي مثل عاصفة
يا من يتعذر الإمساك به
أيها القريب!
أريد أن أعرفك
أريد أن أخدمك
****
أعتقد أن متابعة الأخبار في أغلب بلداننا العربية تسبب السطحية وسذاجة الفكر..
الخليج صحراء مبلطة وخيام أسمنتية، لا جديد على مستوى القيم.. ندير شؤوننا بـ «فزعة»، ونختار نوابنا بـ «رفعة عقال».. بلداننا حزن عميق!
****
قرأت في «تويتر» ولا أعرف من القائل:
«يمكن لحضارة أن تزدهر من جذور كثيرة، ويمكن للآلهة أن تحمل أسماء متعددة».
يا لها من بلاغة وعمق.
****
كتب الشاعر المبدع بدر شاكر السياب:
ذكريات، كما يترك الصوت من ميت
في خيال رنينه،
مثل ناي تشظى، وأبقى أنينه!
****
عندما اقترب الحلفاء من تحرير فرنسا في صيف 1944، أصدر هتلر أوامره للجنرال شولتز بإحراق باريس وتدمير كل آثارها الحضارية، ورغم أن هتلر كان يحتجز عائلات جنرالاته وكانت أوامره تقتضي بقتل جميع أفراد عائلة أي جنرال يستسلم أو لا ينفذ الأوامر الصادرة إليه، ومع هذا، خاطر شولتز بحياته وحياة أسرته بما فيهم من أطفال صغار، واتخذ قراره التاريخي بألا ينفذ أوامر قائده ولا يحرق باريس ولا يدمر مبانيها.
في ربيع 1966 قام الجنرال شولتز بزيارة باريس بدعوة من مخرج سينمائي كان يعمل على إنتاج فيلم حول تلك الفترة وأراد الاستعانة بشهادة الجنرال، وعندما وصل شولتز إلى باريس، احتفت به الصحافة ونشرت صورته مع تعليق سيظل يلازمه مدى الحياة «الرجل الذي لم يحرق باريس».
ليت عندنا الرجل الذي لم يحرق بغداد، والذي لم يحرق صنعاء، والذي لم يحرق بيروت، والذي لم يحرق طرابلس ولم يحرق دمشق!
[email protected]