قرأت قبل أيام في موقع «دويشته فيلله» الاخباري تقريرا صادرا عن وزارة المالية في ألمانيا يؤكد أن الحكومة الألمانية صرفت مبلغ 22 مليار يورو على اللاجئين في عام 2016، وهو ضعف المبلغ المصروف عام 2015، كما رصدت الحكومة مبلغ 27 مليار يورو لعام 2017 حسب تقديراتها لهذا العام، ورغم صرف هذه المبالغ الضخمة على اللاجئين، ومع هذا تشهد الميزانية العامة للحكومة الفيدرالية فائضا يتجاوز 8 مليارات يورو، وذلك نتيجة العوائد الاقتصادية الضخمة الناتجة عن زيادة حركة السوق والاستهلاك، خاصة في مجال السكن والرعاية الصحية وقطاع المواد الغذائية. بكلام آخر.. الاقتصاد الألماني استفاد من اللاجئين بقدر ما أفادهم.
***
حسب آخر استطلاع للرأي، سجل مارتن شولتس زعيم الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي ينافس السيدة انجيلا ميركل على منصب المستشارية لأول مرة تقدما ملحوظا قد يضع حدا لقيادة ميركل للبلاد التي استمرت منذ 2005. ويرجع كثير من المراقبين للشأن الألماني السبب في ذلك إلى سياسة ميركل تجاه اللاجئين تحديدا، فهي ناجحة بكل المقاييس في مختلف الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها، والألمان يدركون هذا جيدا، إلا أن خطاب اليمين المتطرف والنعرة الشعبوية التي اجتاحت العالم مؤخرا بدأت بتحويل مسار التأييد الكاسح لها وجعله يتراجع قليلا. على أن مارتن شولتس ليس شعبويا ولا متطرفا، فهو زعيم الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي يعد من أقدم الأحزاب في ألمانيا وأكبرها عددا، ومنه خرج المستشار السابق غيرهارد شرودر الذي تولى منصب المستشار منذ 1998 لغاية 2005، ويبدو تقدم شولتس في سباق الانتخابات راجع لكونه الخيار الأفضل بالنسبة للألمان بين ميركل المحافظة جدا وبين حزب البديل من أجل ألمانيا الذي تتزعمه اليمينية المتطرفة فراوكه بيتري، فهو يمثل الوسط المقبول في الفترة الحالية. وشولتس سياسي مخضرم، شغل عدة مناصب مهمة آخرها رئيس البرلمان الأوروبي في 2012 وأعيد انتخابه عام 2014.
***
قبل أيام كررت المستشارة انجيلا ميركل تأكيدها على أنها ستستمر بسياسة «الباب المفتوح» بالنسبة للمهاجرين، فهي ترفض تماما - رغم كل الخسائر السياسية لها شخصيا ولحزبها «المسيحي الديموقراطي» - فكرة اغلاق ألمانيا في وجه طالبي اللجوء، وهي تقول بكل وضوح وصراحة إنها تنطلق في ذلك من قيمها ومبائها المسيحية (بينما أصبحنا نحن نخاف من تحديد أنفسنا كمسلمين!). يكفي أن نعرف أن فولفغانغ شويبله، وزير المالية وذراع ميركل الأيمن والداعم الأكبر لها في الحزب والحكومة صرح مؤخرا بأنه يعتبر سياسة ميركل المنفتحة تجاه اللاجئين خاطئة.. هذه ضربة قاسية بالتأكيد.
***
انتخابات البرلمان الألماني (بوندشتاغ) ستعقد في 24 سبتمبر القادم، وبحسب النظام الدستوري الألماني فإن الحزب الذي يحصل على أغلبية هو الذي يقوم بتشكيل الحكومة، والتي تكون عادة حكومة ائتلافية من رئيس الحزب الفائز ووزراء من بقية الأحزاب حسب قوة تمثيل كل حزب. لا يزال الوقت مبكرا للتنبؤ بما سيجري، فالمتغيرات كثيرة جدا، لكن الأهم أن اللاجئين وطالبي اللجوء سيخسرون كثيرا في حال خسارة السيدة ميركل.
[email protected]