ما الذي يحدث إذا حاولت أن تنبه مجموعة من الشباب يحتفلون بفوز فريقهم بإغلاق الشارع عن طريق إطلاق أبواق السيارة؟ ببساطة ستصبح جزءا من هذا المهرجان السخيف، ومثل هذا ما يحدث في صراع الحناجر والتصريحات الإعلامية والندوات والمحاضرات والمقالات الذي يدور في البلاد حاليا. لدينا نواب يرون أنهم الممثل الشرعي للإسلام، وأن عليهم مسؤولية وأمانة الدفاع عن المعتقدات والمبادئ الدينية، بل إن الشعب لم يخترهم إلا لهذا السبب ولهذه المهمة، لدينا على الطرف الآخر نواب يعتقدون أنهم دعاة حضارة وتقدم وأنهم أيضا الممثل الشرعي للحريات العامة، وأن عليهم مسؤولية وأمانة الدفاع عن تلك الحريات بأي ثمن، بل إن الشعب لم يخترهم إلا لهذه المهمة أيضا. المشكلة أن أصحاب الفريق الأول ممن يسمونهم أو يسمون أنفسهم بالنواب «الإسلاميين» يعتقدون أن الفريق الثاني ممن يعتبرون أنفسهم «ليبراليين» يريدون القضاء على الإسلام ويحاربون الشريعة والثوابت الدينية، وبالتالي فمهمتهم أصبحت واضحة ومحددة وهي وقف هذا «التغريب»، في حين يعتقد «الليبراليون» أن «الإسلاميين» رجعيون ومتخلفون ويريدون القضاء على الحريات العامة وبالتالي من واجبهم التصدي لهم ووقفهم عند حدهم. والنتيجة ان كل فريق أصبح متفرغا فقط للقضاء على الآخر، غير أنهم كلما أمعنوا في مهمتهم أكثر تعقدت الأمور أكثر، فأي اقتراح من نائب إسلامي سيفهمه الليبرالي على أنه ضد الحريات العامة، وبالمقابل كل اقتراح من نائب ليبرالي سيفهمه الإسلامي بوصفه محاولة لإفساد المجتمع وحربا على الله ورسوله، بل إن كل محاولة من قبل أتباع هؤلاء أو هؤلاء من المثقفين وكتاب المقالات هي أشبه بمحاولة من يريد تنبيه جموع المحتفلين بإغلاق الشارع، فكلما كتبوا أكثر أصبحوا جزءاً من هذا الواقع المزري.
لا أدري هل من المناسب الكتابة الآن عن تجربة دخول المرأة للبرلمان كنائب ممثل للشعب أم أن الوقت لم يحن بعد لتقييم هذه التجربة، ومع ذلك أعتقد أن المواقف حتى الآن تكفي للشعور بالخذلان. ما الذي يجبر نائبا ممثلا للشعب على الدفاع عن الحكومة؟ الحكومة هي المعنية بالدفاع عن نفسها وعن قراراتها وبرامجها فما دخل النائب في ذلك، لماذا يتحول النائب من ممثل للشعب إلى محام عن الحكومة؟ للنائب أن يحاسب الحكومة أو يدعم خطط وبرامج التنمية، فهذا دوره. أما أن يصبح مجرد «لسان» همه الوحيد الدفاع عن أشخاص الحكومة وليس سياستها، فهذه خيانة للشعب والدستور والوطن.
[email protected]