[email protected]
فرحت كثيرا لقراءة خبر الشراكة الجميلة بين جريدة «الأنباء» ومدينة الأطفال النموذجية المصغرة للتعليم الترفيهي «كيدزانيا»، حيث تم تدشين «ركن الأنباء» في صالة كيدزانيا الموجودة في الأفنيوز، ليضاف إلى هذه المدينة المصغرة مساحة جديدة للتعليم الترفيهي، يقدم لهم هذا الركن تجربة فريدة ومبكرة للتعرف على أهمية الصحافة ودورها في خدمة المجتمع، وكذلك ليتعرفوا على طريقة عمل هذه الصناعة «صناعة الخبر» وصياغته وتحريره، وليقدروا مبكرا قيمة مصداقية الأخبار وقيمة الجهود التي تبذل في عالم الصحافة التي تعد من أهم مؤسسات المجتمع المدني في المجتمعات الحديثة، وليقدروا مبكرا أيضا قيمة القراءة والتي تحتاج منا وقفة جادة.
***
حسب تقارير دولية من مؤسسات بحثية محترمة، يقدر متوسط معدل القراءة في العالم العربي بنصف صفحة واحدة للفرد سنويا لا أكثر، تخيلوا هذا الرقم المفزع والمؤلم، والذي يكفي لإدراك سبب تخلف هذه الأمة وتراجعها بين الأمم. في تقرير لليونسكو يؤكد أن المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتابا في السنة، ويقرأ الفرد الصهيوني في فلسطين المحتلة 40 كتابا في السنة، بينما يقرأ المواطن العربي نصف صفحة فقط. ثم نتساءل بكل بلاهة عن سبب تخلفنا، ونكتفي بإعادة انتاج الثرثرة التي تسببت في جمودنا لعدة قرون.. نجتر نفس الكلام!
في تقرير التنمية البشرية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي، نجد أن المواطن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق فقط في السنة، هذا رقم مؤلم حقا، بينما المواطن الأوروبي يقرأ بمعدل 200 ساعة سنويا.
صحيح أن القطاع الأكبر من المواطنين العرب منهكون في ملاحقة لقمة العيش، غير أن هذا لا يبرر ابتعادنا عن القراءة، فلسنا وحدنا في هذا الكوكب من يعاني الفقر ويلاحق الرزق.
في أوروبا الشرقية مثلا يعانون من الفقر أكثر مما نعاني، غير أننا لا نجد عندهم صور التخلف والهمجية التي تنتشر عندنا، ومن منكم لم يشاهد المشردين في أوروبا وهم يقرأون كتابا وهم جالسون عند صندوق القمامة.
لدينا مشاكل كثيرة بلا شك، لكن علينا أن نفهم أن المعرفة والعلوم، والعلوم هنا تعني «كل» مجالات المعرفة في العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية، وليست فقط الشرعية كما يروج البعض، المعرفة كلها هي وسيلتنا للنهضة وحل مشاكلنا، فالإنسان العربي اليوم سهل انقياده وتحريكه لإنجاز مخططات الدول التي تتصارع في منطقتنا، فالصراع في أوطاننا اليوم بين «دول أجنبية» تسعى لمصالحها، بينما القاتل والمقتول والمشرد والجائع هو الإنسان العربي، هو صاحب هذه الأرض والثروات، وهو الذي يموت جوعا لينعم غيره بثرواته.. فأي شيء آخر هو سبب هذا الوضع البائس غير الجهل؟!
***
شكرا كبيرة لـ «الأنباء» على هذا المشروع التربوي الرائد، والذي يمثل نموذجا مشرقا للشراكة الاجتماعية، فالتربية ليست مسؤولية الحكومة ممثلة بوزارة التربية فقط، فالمدرسة هي إحدى مؤسسات التربية والتعليم وليست كلها، هناك المسجد والنادي والصحافة والتلفزيون وحتى المحلات التجارية إذا قررت أن تشارك بفاعلية، وها هي كيدزانيا في شراكتها مع «الأنباء» خير دليل.