لم يمض على رئاسته أكثر من عام واحد، ولم ينجز بعد 10% من وعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، ومع ذلك حصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009، رغم أنه لم يعمل على إنهاء أي حرب من الحروب الدائرة في العالم ولم يحقق السلام في الشرق الأوسط ولم يمنع الصهاينة من بناء المستوطنات ولم يسحب جنود بلاده من العراق وأفغانستان ولم يغلق معتقل غوانتانامو بعد، ولم يوقف كوريا الشمالية عن المضي في برنامجها النووي ولم يتمكن بعد من إقناع إيران بقبول الحوار، كما أنه لم يوفق حتى الآن في الوفاء بوعوده تجاه الشعب الأميركي الذي لايزال يعاني من أزمات اقتصادية خانقة وتردي الخدمات الصحية لكثير من أبناء الأحياء الفقيرة هناك، كل هذا صحيح، ومع ذلك يكاد يكون هناك شبه إجماع عالمي على أن الرئيس باراك أوباما شخص غير عادي وأنه يستحق أكثر من جائزة نوبل واحدة، مرد ذلك باعتقادي أنه استطاع بخطابه العقلاني الهادئ والمتزن أن يعيد الثقة بالولايات المتحدة الأميركية كأهم وأعظم دولة، وأن يعيد الأمل في نفوس الناس في شتى دول العالم بعد أن تراجعت تلك الثقة وكادت تنعدم بسبب عنجهية المحافظين الجدد، فهذا باعتقادي هو أهم إنجازات الرئيس أوباما، فهو رجل الأمل والتفاؤل والحكمة والدعوة إلى السلام.
أميركا أمة عظيمة، تعثرت في لحظة جنون وخيلاء بفكرة السيطرة على العالم بالقوة بعد سقوط جدار برلين، ثم تداركت نفسها ونهضت من عثرتها التي لم تدم أكثر من سبعة أعوام، فلم يعد أحد يسأل اليوم «لماذا يكرهون أميركا؟» بل أصبح السؤال «ماذا ستقدم أميركا للعالم؟»، وهذه مهمة ليست سهلة ومن أنجزها خلال أقل من عام حتما أنه شخص غير عادي، إنه الرئيس أوباما، فتحية لهذه الشعوب النابضة بالحياة، التي تتعلم من أخطائها وتقوم من عثراتها وتتجاوز اخفاقاتها وتسمو فوق جراحاتها، ولا عزاء لنا نحن الذين لانزال نكفر ونقتل بعضنا بعضا على حوادث تاريخية مضى عليها أكثر من 1400 عام، ولا عجب.. أو لسنا أحفاد «داحس والغبراء»؟!
[email protected]