وصلتني رسالة من مجموعة طلبة عرب وإيرانيين يدرسون في جامعة ستوكهولم بالسويد، أسسوا مؤخرا جمعية طلابية تهتم بقضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، ويقومون حاليا بجمع معلومات ووثائق عن انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وقد طلب مني أحد الطلبة الإيرانيين أن أبحث له عن معلومات حول صور انتهاكات حقوق الإنسان في إيران تحديدا. ما فهمته منهم أنهم بصدد تحريك دعاوى قضائية ضد السلطات التي تنتهك حقوق البشر في هذه البلدان، وأخشى ما أخشاه أن تصل الأمور إلينا وتتحرك مجموعة مماثلة ضد الكويت فيما يتعلق بقضية البدون، ولذلك نتمنى من حكومتنا «الرشيدة» أن تبادر إلى حل هذه القضية العالقة منذ ما يزيد على أربعين عاما، حتى لا تضطر إلى تقبل حلول أخرى تفرض علينا من الخارج.
ثمة من يعتقد بأن كل ما يدور داخل البلد (أي بلد) هو شأن داخلي ولا يحق لأي دولة أن تتدخل فيه، غير أن هذا الاعتقاد غير صحيح بالتأكيد، فهناك دوما قضايا تستدعي التدخل الخارجي، وأحد أهم تلك القضايا هي انتهاكات حقوق الإنسان، فالمجازر والقتل الجماعي التي قام بها الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك خلال الفترة من عام 1992 إلى 1995 والتي راح ضحيتها قرابة 8 آلاف مسلم لم تمنع قوات حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأميركية من التدخل العسكري لوقف تلك الانتهاكات الصارخة، كما أن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق إبان حكم حزب البعث كانت أحد أسباب حرب الخليج الثالثة، وما يحدث الآن من ضغط عالمي على إيران التي باتت تقارير انتهاكات حقوق الإنسان تصدر عنها بصورة مقلقة بسبب تصرفات الحكومة الإيرانية ضد المعارضين لحكم الرئيس أحمدي نجاد ينذر بتطورات بالغة الخطورة، فالعالم لن يبقى ساكنا يتفرج على صور القتل الجماعي والانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان، ولن يغني أي دولة التحجج، أو التبجح بمعنى أدق بمسألة «الشأن الداخلي»، فالشؤون الداخلية لأي دولة لا تعني الوصاية على كرامات البشر والتصرف بحياتهم دون حسيب أو رقيب. العالم اليوم يشهد ثورة دولية ربما يشكل فضاء الانترنت أحد مرتكزاتها، وطلاب الجامعات والشباب بشكل خاص باتوا أكثر تنظيما ووعيا، خاصة في الدول الغربية، وهم دائما على اطلاع بما يحدث في العالم كله، ولديهم دائما العزيمة والنشاط والوسائل للضغط على حكومات بلدانهم لتتحرك من أجل نصرة المستضعفين وحمايتهم من طغيان السلطات المطلقة التي تنتهك حقوق البشر وكراماتهم.
التاريخ معلم كبير، فيه دروس وعبر، وأحد أعظم دروس التاريخ أن قضايا حقوق الإنسان ليست شأنا داخليا.
[email protected]