التحول الكبير في مسار العمل السياسي في الكويت منذ دخول الشيخ أحمد الفهد للحكومة أمر يستحق التوقف والتأمل والإشادة أيضا، فالحكومة أو الحكومات الخمس المتعاقبة خلال السنوات الثلاث الماضية كانت أشبه بالمريض الذي عجز الأطباء عن معرفة «علته»، فكان دخول الشيخ أحمد الفهد بمنزلة إبرة أدرينالين حركت الدماء في هذا الجسد العليل، وأعادت النشاط والحيوية للحكومة التي بات فقدان الأمل فيها قاب قوسين أو أدنى من عموم الشعب الكويتي. والأمر لا يتعلق بإقرار خطة التنمية والتي كان «بو فهد» مهندسها فحسب، مع التأكيد على أهمية الموضوع في هذا التوقيت الحرج من تاريخ الكويت السياسي، وإنما يتعلق أكثر بنزع فتيل الأزمة «المفتعلة» بين السلطتين والتي كانت الحكومة بضعفها وتردد قراراتها السبب الرئيسي لها، فقد تمكن الفهد بما يمتلكه من حنكة سياسية لافتة للنظر وعلاقات طيبة وقدرات قيادية كبيرة من دعم السلطة التنفيذية ودفعها إلى الأمام، فتحية للفهد ولجهوده الواضحة و«سلامات يا بو فهد».
***
يشكك البعض في فاعلية خطة التنمية التي تقدمت بها الحكومة وأقرها مجلس الأمة مؤخرا، ويدعو الكثيرون إلى القول باستحالة تنفيذ 5% منها خلال الفترة المقررة لها وهي خمس سنوات، وعلى الرغم من أن واقع الحال المزري وخاصة فيما يتعلق بأجهزة الدولة الرسمية وهي الأجهزة المعنية بشكل أساسي بتنفيذ المشاريع المقررة في الخطة، إلا أن هناك جوانب إيجابية عدة تدعو إلى التفاؤل، فالحكومات المتعاقبة منذ عام 1986 لم تستطع أن تلتزم بواجبها الدستوري في تقديم خطة تنمية وبرنامج لعملها، الأمر الذي تسبب عبر تلك السنوات في تراكم المشكلات وظهورها بوتيرة متسارعة في الآونة الأخيرة، وبالتالي فمجرد إقرار خطة تنموية يصاحبها برنامج عمل واعد وطموح هو إنجاز يستحق الإشادة، فمن دون خطة عمل يصبح الكلام مجرد «كلام». كما أن إقرار الخطة بعد صراع مرير بين السلطتين هو دليل واضح على قوة المجلس الذي استطاع أن يجبر الحكومة على الوفاء بمتطلباتها وفي ذلك أبلغ رد على من يشكك في دور البرلمان ويحاول أن يصفه بالتأزيم ويجعله سببا لتوقف عملية التنمية، فلولا هذا المجلس لما رأينا خطة تنمية ولا غيرها.
[email protected]