في ثلاثينيات القرن الماضي كان المسرح في مصر المحروسة مزدهرا، وكان الفنان جورج أبيض من أكبر رواد السينما والمسرح آنذاك وهو لبناني الجنسية هاجر من لبنان إلى القاهرة في سن الثامنة عشرة، وقد بزغ نجمه وعلا صيته من خلال فرقته التي قدم معها 130 مسرحية مترجمة فضلا عن تقديمه لأول فيلم غنائي مصري وهو أنشودة الفؤاد.. وجورج أبيض هو أول نقيب لنقابة الفنانين في مصر.
جورج أبيض له مسرحية مشهورة باسم «يوليوس قيصر» فبعد أن عرضها حقق نجاحا باهرا في القاهرة، فقرر بعد ذلك النجاح أن يذهب ليعرضها في عاصمة العراق بغداد ولأن السفر كان مكلفا في ذلك الوقت لم يأخذ معه إلا ممثلي الأدوار الرئيسية فقط دون أن يصطحب الكومبارس ليخفف عن كاهله تكاليف السفر، واستعان بعد ذلك بالكومبارس من بغداد، وحين وصوله إلى بغداد لم يجد مسرحا لعرض مسرحيته كون بغداد كانت تفتقر للمسارح في ذلك الوقت، بالتالي لم يجد أمامه سوى عرض المسرحية في مقهى مشهور من مقاهي بغداد يتوافد عليه الكثير من أهل بغداد من سياسيين ومثقفين وأعيان، وقبل العرض بحث عن كومبارس يقومون بدور «أشراف روما»، فلم يجد أمامه إلا «شلة لصوص مشبوهين» معروفين لدى أهل بغداد بالاسم فاتفق معهم وبدأ العرض وكان الجمهور متفاعلا مع المسرحية وما ان طلب القيصر دخول أشراف روما حتى تعالت صيحات الجمهور البغدادي لدرجة الفوضى، فهذا يقول باللهجة البغدادية «ولك باوع فلان النشال صاير شريف روما»، وذاك يقول «دا شوفوا فلان السكير ابن ال... هم صاير شريف روما»، والذي خلفه يقول «ويلكم لا تطيح السماء هم فلان ولد ال... صاير شريف روما» وما ان انتهت المسرحية حتى أصبح حديث كل أهل بغداد «شفت فلان طلع شريف روما»، إلى أن أصبح مثلا دارجا يقال عندما يحاول أحد اللصوص والمشبوهين ادعاء الأمانة والشرف، ففي الكويت أصبح الشعب الكويتي كجمهور بغداد في تلك المسرحية فهو يتفرج يوميا على التلفزيون ويرى كثيرا من المشبوهين واللصوص على شاشات التلفزيون ينظّرون في الأمانة والشرف وهم أصلا مشبوهون مرتشون وماضيهم معروف لدى الشعب كافة، وبالتالي فعلى أي شخص مشبوه ألا يعتقد في هذا الوقت أنه باستطاعته تمثيل دور الشرف والأمانة، فالشعب أصبح واعيا للمشهد السياسي ويميز بين الشرفاء الحقيقيين وشرفاء روما!
[email protected]