عندما يتعرض أحد قيادات الدولة للضرب والإهانة من قبل أحد المواطنين أو الشخصيات النافذة التي ترى أنها فوق القانون فهذا أمر مرفوض لدى الكل، خصوصا من ينادي باحترام القانون وتطبيقه ومن المفترض أن تكون الحكومة على رأس المنادين باحترام القانون، إذ انها دائما ما تتشدق وتتغنى بتطبيق القوانين والانتصار لكرامة قياداتها في كل مناسبة، بالتالي من المنطقي أن ترفض الحكومة هذا الأمر وتسعى فعلا لتطبيق قوانين الدولة أو على الأقل الانتصار لكرامات قياداتها.
فما حصل لمدير عام الهجرة اللواء كامل العوضي دليل واضح على أن آخر من يسعى لتطبيق القانون والانتصار لمن يعمل على تطبيقه هي الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية، فالقصة واضحة للجميع، فهناك من ذهب لتمرير معاملات لناخبيه لدى مدير عام الهجرة اللواء كامل العوضي الذي لم يقترف أدنى ذنب سوى أنه طبق القانون ورفض تمرير بعض المعاملات غير القانونية، وأدى هذا الرفض إلى التهجم عليه وشتمه ومحاولة ضربه، فلم يجد اللواء العوضي ملاذا سوى القضاء الشامخ لكل المظلومين، وبعد لجوئه للقضاء صدر حكم محكمة التمييز الذي أنصفه بسجن ذلك المتهجم الذي اعتدى بالضرب والإهانة على اللواء العوضي في مكتبه أثناء تأدية عمله، وبهذا الحكم انتصر القضاء الشامخ لكرامة اللواء العوضي.
ولكن الصدمة الكبرى تفجرت بعد ذهاب المدان بالسجن إلى إدارة التنفيذ في وزارة الداخلية التي قررت استبدال عقوبة ذلك المتهم من السجن إلى خدمة المجتمع دون أدنى اكتراث لكرامة أحد قيادييها الذي خدم في وزارة الداخلية ما يفوق الـ 30 عاما.
كان الأجدر بوزارة الداخلية أن تتمسك بتنفيذ العقوبة لا استبدالها كونها هي من كسبت الحكم أصلا على اعتبار أن اللواء العوضي يمثل الوزارة في تلك القضية، ولكن تخاذلها في الانتصار لكرامة قياداتها المخلصين لأجل إرضاء بعض الأطراف هو إساءة بالغة لكرامة الوزارة وقياداتها.
صحيح أن استبدال عقوبة السجن بخدمة المجتمع مباح وفق القانون، ولكن يجب أن يكون وفق ضوابط معينة تراعى فيها بعض الحالات الإنسانية والظروف الاجتماعية ولقضايا معينة فقط دون التوسع في تطبيقه بانتقائية لصالح بعض المتنفذين. لذلك أرى أن اعتراض اللواء العوضي وإقدامه على الاستقالة من منصبه بسبب استبدال العقوبة لم ينبع إلا من إحساسه بالغبن والجور من تخاذل وزارة الداخلية أمام من تعدى عليه وهو أحد أركان هذه الوزارة التي أعطت بهذا التصرف غير المسؤول إشارة واضحة لكل متنفذ بالتعدي على أي قيادي في الدولة فالمثل يقول من أمن العقوبة أساء الأدب.
نقطة أخيرة: حكم محكمة التمييز منصف واستبدال العقوبة قانوني، ولكن لو فرضنا جدلا ان الطرف المتضرر في تلك القضية هو وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد وليس اللواء كامل العوضي فهل كان سيقبل الخالد بمبدأ استبدال العقوبة؟ أتمنى أن تصل الإجابة.
[email protected]