يقول المثل «الصديق عند الضيق»، ونحن أدركنا معاني هذا المثل في عام 1990 عندما دخل المقبور صدام حسين في جيشه إلى الكويت، ففي هذه المحنة أدركنا قيادة وشعبا من هو صديقنا الوفي المخلص، فالاحتلال العراقي لوطننا الكويت كشف لنا كل الأقنعة لنرى كل الوجوه على حقيقتها، وكان من أبرز الوجوه التي لم تتستر في يوم من الأيام بقناع هي الوجوه المصرية قيادة وشعب، لذلك ما أراه اليوم في مصر الحبيبة من مشاهد لمظاهرات وتجمعات تدعو إلى رحيل الرئيس محمد حسني مبارك تجعلني أشعر بالألم والمرارة لما آلت إليه الأوضاع في ارض الكنانة، فأنا اليوم أجد نفسي واقفا بمسافة متساوية ما بين الشعب المصري الشقيق والرئيس مبارك فكلاهما يحتلان في قلبي مساحة وطن لا يقدر بثمن.
صحيح أن للشعب المصري كامل الحق في دعوته للتغيير، وهو وحده المعني في تحديد مصيره واختيار رئيسه، لكن أرى أن بعد رفض المعارضة دعوة مبارك الأولى للحوار مع نائب الرئيس اللواء عمر سليمان وتوجيه الرئيس مبارك خطابا مؤثرا مباشرا للشعب المصري ليكشف لهم عن تلبيته لكل مطالب أبنائه المتظاهرين حقنا للدماء أجد أنه لزاما على إخواني أبناء مصر المحروسة أن يهدءوا قليلا ويكتفوا بهذا القدر من المطالبات، فمطالبهم الأساسية التي خرجوا من أجلها لباها الرئيس مبارك بالكامل وكشف لهم عن رغبته في عدم الترشح لولاية جديدة، وفي الوقت نفسه أعلن عن رفضه الخروج من مصر في هذا الظرف العصيب، وأنه لن يتنحى لحرصه على تحقيق انتقال سلمي للسلطة إلى من يختاره الشعب المصري في الانتخابات الرئاسية المقبلة وبشكل دستوري وسلمي وسلس، فحبه وعشقه لبلده يحتمان عليه أن يقوم بمسؤولياته ويقود مصر إلى بر الأمان، فليس من السهل على واحد من أبرز فرسان حرب 1973 أن يرحل بهذه الطريقة ويترك مصر التي حارب من أجلها في هذه الظروف. أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يحفظ أرض الكنانة وشعبها من كل مكروه وأن تنتهي هذه الأزمة على خير لهذا البلد الخير.
نقطة أخيرة: قال الرئيس محمد حسني مبارك «إن هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن كل مصري ومصرية، فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه، وعلى أرضه أموت، وسيحكم التاريخ علي وعلى غيري بما لنا وما علينا، ان الوطن باق والأشخاص زائلون، ومصر العريقة هي الخالدة أبدا».
ونحن نؤكد أن الشعبين المصري والعربي لن ينسيا هذا الخطاب التاريخي وسيسجله التاريخ حتما.
[email protected]