صدرت قبل أيام دراسة «اتجاهات مديري المدارس الثانوية بالكويت نحو تطبيق الإدارة الذاتية» لي وللزميلين د.مطلق العنزي، ود.مها العازمي.
وتناولت الدراسة أحدث التوجهات العالمية في أسلوب إدارة المؤسسات التعليمية، وهو أسلوب اللامركزية المقيدة والذي ينطوي على إعطاء صلاحيات أكبر للمدارس لإدارة شؤونها بعد تطوير مجموعة من السياسات والمعايير العامة لحوكمة الأعمال والإجراءات، وينصب دور وزارة التربية على الإشراف والرقابة والمتابعة.
وهذا ما يتيح للقيادات بالوزارة للتفرغ للتخطيط والتطوير بعيدا عن المشاكل الإدارية اليومية.
وكان من أهم نتائج الدراسة ما أظهره مديرو المدارس الثانوية من اتجاهات إيجابية نحو تطبيق مفهوم الإدارة الذاتية.
كما بينت نتائج الدراسة عدم ثقة مديري المدارس الثانوية في قدراتهم على إدارة مجال المناهج وطرق التدريس، وهو ما يوضح ضعف برامج إعداد المعلمين بكليات التربية، كما تعكس هذه النتائج قصورا واضحا في مجال التدريب أثناء الخدمة في مجال المناهج وطرق التدريس. وعكست النتائج كذلك تطلعات مديري المدارس الثانوية الأقل خبرة في وظيفة مدير مدرسة لممارسة دور أكبر في مجالات الشؤون الإدارية، وشؤون الطلاب، والمبني المدرسي، وكذلك الشؤون المالية.
وتوضح هذه الدراسة أهمية الوثوق في الميدان التربوي في إحداث التغيير متى أتيحت له الفرصة.
كما كشفت نتائج الدراسة عدم صدق مقولة «الخبرة أولا» والتي مازال ديوان الخدمة المدينة يتمسك بها ناسيا أو متناسيا القدرات والمهارات الفردية وكذلك الفرق الفردية بين الأفراد.
إن معدل سنوات الخبرة لمن يترقي لمنصب مدير مدرسة لدينا يقترب من 25 سنة ويزيد. ولعل الحال سابقا لم يكن هكذا.
وقد يقول قائل: إن الزمن الماضي كان عدد المشتغلين بالتعليم من الكويتيين قليل والآن هم أغلبية، لذا فإن التنافس على المناصب القيادية ارتفعت وتيرته.
وقد تكون هذه المقولة صحيحة ولكن ما أعتقده غير ذلك، حيث إنني أتذكر جيدا قبل 10 سنوات حين كان يغري الموجهون المعلمين للالتحاق بدورات الترقي لمنصب رئيس قسم، وكيف كنا نتفادى هذه الترقية بشتى الطرق، بل كنا نفضل البقاء معلمين على أن نترقى لمنصب رئيس قسم أو مدير مساعد أو حتى مدير!!
ولعل السر يكمن في قانون (28 -2011) الذي احتوى على مميزات مالية دفعت مجموعة كبيرة من المعلمين للعمل على الترقي للظفر بالمكافأة المالية.
وأوجد هذا القانون قوائم انتظار طويلة طمعا في الترقي.
كما دفعت هذه المميزات المالية عددا كبيرا من المشتغلين بالتعليم لاستكمال دراستهم العليا بطريقة غير قانونية.
إن السعي نحو تحقيق العدالة شيء فطري في الإنسان، لذا لجأت وزارة التربية لتطوير لوائح تنظم عملية الترقي واعتمدت بشكل رئيسي على مبدأ الخبرة، وتغافلت عن أمور فنية جوهرية يجب الوقوف أمامها.
ولقد قدمت للوزير السابق د.نايف الحجرف مقترحا قابلا للتطبيق يحتوي على إجراءات منطقية تضمن لنا الحد الأدنى من كفاءة المترقين.
واشتمل المقترح على أن تقوم كليات التربية بتطوير برامج تدريبية مدتها لا تقل عن 3 شهور تحتوي على وحدات دراسية واختبارات ومشاريع بمجالات متنوعة، تختبر مهارات المترقين بصورة تحق الحق ولا تغفل أهم المتطلبات الأساسية لمن نوكل لهم مهام إدارة مؤسساتنا التعليمية.
نعم، إن فلسفة التعليم وشكله وتطبيقاته لدينا لم تتغير بسبب عدم القدرة على تسويق مثل هذا التغيير، ولكن البحث عن حلول قابلة للحياة وتحقق لنا الانتقائية أمرا حيويا.
حيث إنني وكثير غيري من المختصين يؤمنون بأهمية القيادات المدرسية، وأهمية الأدوار التي تؤديها تلك القيادات.
فلن ننجح بقيادات أغلبها يمارس الإدارة ولا يحسن القيادة ولا الإبداع.
ولهذا فإننا مازالنا نعاني من تردي الأوضاع التعليمية في دولة سخية جدا على الشؤون التعليمية.
وهذه دعوة للقائمين على الشأن التعليمي للبحث عن حلول قابله للتطبيق، حتى وان تعرقلت تلك الحلول ببيروقراطية الجهات وتعقد القرار، إلا أن المحاولة أفضل من الجمود.
@dralsharija