لا أشك أبداً في ولاء المجموعة الـ26 للوطن ورغبتها في الإصلاح للحظة واحدة، تخرج علينا بين الحين والآخر من خلال «بيان»، وكمثله من «البيانات»، انصب هذا الأخير على قضية الفساد والمفسدين. أحاول في هذا المقال أن أبين أن انخراط هذه المجموعة في الشأن العام هو على أقل تقدير انخراط «نخبوي»، أقصد أنه يرى أحداث الواقع السياسي المتغير من خلال برج عاجي مفارق للواقع، فتصبح بالتالي كل آرائه مغتربة عن هموم الناس ومشكلاتهم.
إن هوية هذه المجموعة هي ما يثير الضجر لأول وهلة وذلك لأنها ليست حركة سياسية، فكل حركة سياسية تهدف لممارسة السياسة عن طريق الانتخابات والاستحواذ على بعض مقاعد البرلمان، لكن الهم الانتخابي ليس أحد أولوياتها (على الأقل حتى وقت كتابة هذا المقال)، وكل حركة سياسية لها برنامج سياسي يحكم الناس عليها من خلاله، لكن هذه المجموعة لا تمتلك أي برنامج. وهي ليست جمعية نفع عام، فلا مقر لها ولا وجود لاعتراف حكومي بها.
هذا عن هويتها، أما أنشطتها و«شبهة» اهتمامها بالشأن العام، فهي مثيرة للضجر بشكل أكبر، فلن تجد نشاطا اجتماعيا واحدا قامت به هذه المجموعة على أرض الواقع من أجل خدمة الشأن العام أو المساهمة في خلق شخصية كويتية واعية، لم تفعل هذه المجموعة من شيء لخدمة المواطن الكويتي سوى إصدار بيان كلما جاءها المخاض، تنصب نفسها، كما حدث في مشروع إسقاط القروض، متحدثة رسمية باسم الشعب، وتنتقد آراء الأغلبية «الشرعية» من ممثلي الأمة، مع أنها فاقدة لأي شرعية. هذه الممارسة ذاتها لعملية إصدار البيانات هي ما يدفع للقول بأن أصحابها نخب واهمة تريد التغيير ولكن من فوق، من خلال الحكومة فقط، وترفض بسبب هذا الاختيار كل تغيير من تحت، من الشارع ومن مؤسسات المجتمع المدني «الشرعية». ربما يظن هؤلاء (مجموعة الـ 26) أن الشارع فاقد للعقلانية وان ممثلي الشارع مفتقدون للعقلانية أيضا، ولهذا فهم يفضلون الظهور بمظهر «الحكماء» أو «الأعيان» من خلال بياناتهم. لهؤلاء أقول: لا وجود لمجالس حكماء أو أعيان في الكويت، وأنصحهم بالتواضع والنزول للشارع والانخراط في مؤسسات المجتمع المدني والعمل على مشاريع قوانين فيها صلاح هذه الأمة تقدم لأعضاء مجلس الأمة لتناقش وتقر فهذا هو السبيل القانوني الوحيد، أما توجيه النصائح للحكومة والمجلس من برج عاجي و«حب الظهور» فلن يؤدي إلا إلى زيادة اغترابهم عن الواقع، لكنه يبدو أن هذا الاغتراب عن الواقع هو ما دفع البعض للتملص من هذه المجموعة (من دون الدخول في تفاصيل مريبة)، ويبدو أن احتفاظ هذه الحركة بالرقم 26 وعدم زيادته من المؤمنين بأفكارها هو أكبر دليل على ثباتهم النخبوي في مقابل واقع يتغير دوما.
[email protected]