دعيت من قبل أحد الطلبة المبدعين، من الصفوة التي يشتاق المعلم لمناقشتها أو قراءة ما تكتب، لحضور مسرحية يشترك في تمثيلها مع مجموعة أخرى من زملائه الطلبة خلال الفترة المسائية على أحد مسارح الجامعة، جلست في الصف الأول لأستمتع بنص رائع لم يتوان عن العصف بذهني كل لحظة، لأستمتع بتمثيل نخبة من الطلبة الشباب الذين قدموا أدوارهم بكل صدق، لأستمتع بحنكة مخرج خلف الستار يحاول حفر أفكاره في مخيلتي.
لكن للأسف، علمت أن إدارة الأنشطة الفنية في عمادة شؤون الطلبة وهي الراعي «الحاضن» لمثل هذه الأنشطة، لا يرعى ولا يحتضن، لم تقدم لهم جامعة الكويت مكافآت على جهودهم، ولا أظنهم بحاجة لها، فهم يعملون لأنهم يحبون ما يفعلون، ولكن جامعة الكويت لم تقدم لهم أيضا أي دعم مالي لتغطية تكاليف الديكور بل وحتى الإعلان عن هذه المسرحية في الصحف أو في «بوسترات» تتخلل أروقة الجامعة، وهو الأمر الهين القليل، فأقصى ما يريده هؤلاء الشباب هو دعوة الجميع للحضور، ليس طمعا في أسعار تذاكر وربح مادي، بل لإمتاعهم وحثهم على التفكير فيما يريد الشباب وما يريد هذا المسكين.. الوطن من شبابه، فإن لم تقدم جامعة الكويت، «الراعي والحاضن»، مثل هذه الرعاية المالية البسيطة التي لا تتجاوز بضع مئات من الدنانير، فمن دفعها إذن؟ لا تستغرب عزيزي القارئ إن أخبرتك أن طاقم المسرحية من الطلبة والمشرفين عليهم هم من دفع تكلفة كل هذا من أموالهم الخاصة.
يا له من خزي ذلك الذي يعترينا! فالمؤسسة التعليمية الحكومية الوحيدة «الأرقى» شأنا والتي من صميم عملها رعاية هؤلاء الشباب، لا تقوم بدورها، بل لا تكترث حتى لحضور مثل هذا الإبداع الشبابي. يا له من خزي يدنس ضمائرنا، فنحن نعلم تمام العلم كقائمين على الشأن التعليمي أن المواهب التي لا نرعى تنميتها تبدأ في التحلل تدريجيا حتى نفقدها. يا له من خزي يتوسط جباهنا، فبدلا من تنمية مواهب شبابنا نقوم باستنزافهم بكل صورة بشعة بإمكانك أن تتخيلها: «إن أردتم العمل فعليكم أن تدفعوا من أموالكم الخاصة».
للقائمين على إدارة هذه الجامعة أقول: لا تكترثوا بشكل مبنى ما، بتنسيق حديقة ما، ببناء مواقف أكثر للسيارات، بسجاد أحمر نستقبل به الشيوخ والشخصيات العامة، عليكم بالالتفات لما هو في صميم عملكم، إنتاج مواطن صالح، وهو العمل الذي يبتدئ برعاية طالب مميز يكون قدوة لأترابه. لإدارة هذه الجامعة أقول: استثمروا في البشر، لا في الأسمنت والطابوق.
[email protected]