يؤذي منظر المرأة في السياسة «الإسلامويين»، فبالنسبة لهم إذا كان صوت المرأة عورة فمن الأولى أن يكون وجهها وكفاها وجسدها وشعرها عورة أيضا، وهم لايزالون في حالة قلق منذ اليوم الأول لأداء القسم، إذ كيف تؤدي القسم امرأة وهي التي قال فيها الراسخون في العلم الشرعي والأتقياء في الدين ان عضويتها لمجلس الأمة ولاية عامة ومثل هذه الولاية لا تجوز شرعا، أما حجاب بعضهن فهو فرض ديني يخرج من يرفضه من عباءة الدين.
لقد استفتوا المرجعية الدينية العليا في الدولة فأفتت بضرورة الحجاب، وبصراحة أكبر، هذا أضعف الإيمان فهم لا يريدون وجها نسائيا واحدا في البرلمان. هذا هو موقفهم الراسخ الذي لن يتزحزح وهو أكثر المواقف اتساقا مع مبادئهم. ولكن الطامة الكبرى هي أننا نعيش في بلد يحكم بقوانين وضعية تتحكم فيها أهواء الناس وشهواتهم عن طريق الاختراع الآثم الذي سمي بالديموقراطية، نعلم تمام العلم أن مثل هذه الفتوى وإن كانت من قبل وزارة الأوقاف، ليست في نهاية المطاف سوى حبر على ورق، فالرد النهائي حول وضعية النساء غير المحجبات في المجلس هو من اختصاص المحاكم الدستورية الوضعية. إن السؤال في هذه الحالة هو: لماذا نجعجع نحن وأصدقاؤنا الإسلاميون ونتغنى بهذه الفتوى؟ والإجابة على هذا التساؤل هي، وبطريقة مصرية، «العيار اللي ما يصبش يدوش»، فنحن بصراحة وإن لم نقنع هاتين المرأتين مباشرة بضرورة التحجب فعلى الأقل سنكون قد ذكرنا المجتمع الكويتي بضرورة العودة للدين والهجرة إلى الله بشرط أن نرسم نحن هذا الطريق. نعلم تمام العلم أن الفتوى الأخيرة لن تقدم ولن تأخر ولكننا أردنا أن نخبر المجتمع الكويتي بأننا موجودون، متربصون لكل ما يمكن أن يطلقوا عليه «حرية شخصية»، غير مكترثين لكل تمييز بين «العام والخاص».
لإخواني «الإسلامويين» أقول: والله «دوشتونا» وأقول أيضا «أريحونا أراحكم الله للأبد». ففي الوقت الذي تشهد فيه الساحة المحلية فسادا إداريا وسياسيا وماليا ليس له مثيل في ذاكرتنا الحديثة، وفي الوقت الذي يئن فيه الشعب من تردي التعليم وتراجع المستوى الصحي وغيره وغيره، مع رؤيتكم لكل هذا لا هم لكم سوى «الدوشة». وما المشكلة في هذا؟ الدوشة جميلة وفيها «أكشن»، بل إن هذه الدوشة تردنا دائما للأرض التي اعتدنا الوقوف عليها وهي اننا دعاة دين محترفون أما وظيفتنا كمشرعين فهي مجرد وظيفة «بارت تايم» تساعدنا على الظهور الإعلامي للدعوة من خلال قضايا محددة كتلك التي بين أيدينا. إليكم يا دعاتنا اقتراح جيد: لنترك مثل هذه القناعات الدينية «المختلف فيها»، حتى مع وجود فتواكم هذه، جانبا ونبطل «دوشة»، ولتضعوا يدكم في يد زملائكم إسلاميين كانوا أم علمانيين، محجبات وغير محجبات، متآزرين متعاهدين لقطع يد من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد، ومن دفعته المصالح المادية لتجاوز القانون، ومن قدم الأسرة والقبيلة والحساب البنكي على مصلحة الكويت، وبالجملة، كل من أقدم على إفساد في الأرض. ألن تفضل الكويت مثل هذا الاقتراح الأقل «دوشة»؟ فكر فيها.
[email protected]