مـنذ شهرين تعــرضت إلــى حادث على أثــره عانيت من 3 كسور باليد وجرح عميق حتى العظم بالقدم وجروح عديدة في أنحاء الجسم، خلال أيام وجدت نفسي شبه عار مستلقيا على سرير معدني في غرفة باردة اسمها «غرفة العمليات»، العديد من الأضواء القوية مسلطة على جسدي وفريق من الأطباء المساعدين مشغولون بالأجهزة الكهربائية المنتشرة حولي. بضع قطرات من دواء مخدر سرت خلال أنبوب بلاستيكي دالة طريقها خلال وريدي جعلتني أرحل لمدة 3 ساعات، قام خلالها هذا الفريق باستخدام مشارطهم الحادة وأجهزتهم وقاموا بوضع صفيحة حديدية مع بعض البراغي المعدنية في يدي.
وقاموا أيضا بنقل بعض الخلايا من مكان آخر بيدي وزرعوها في قدمي المصابة، بعد ذلك ومن خلال بضع قطرات أخرى من دواء آخر سرى في وريدي أعادني مجددا إلى عالم الإحساس والألم.
بعد شهر من المراقبة والشرح المفصل من الأطباء عما قاموا به بدأت أستعيد عافيتي وخلال فترة ليست بطويلة سيعود هذا الجسد إلى ما كان عليه من قبل.
إن ما جرى ليس بمعجزة بل الآلاف من هذا النوع من العمليات الجراحية تجري في هذه الغرف الباردة يوميا وهي بنظر الأطباء عمليات بسيطة وسهلة.
إن فلسفتي لما جرى هي أن جسد الإنسان ما هو إلا آلة حديثة متطورة الصنع بشكل كبير، بإمكان الأطباء بواسطة أدواتهم الحديدية وأجهزتهم فتحها وإصلاح ما بداخلها ونقل ما هو سليم من مكان لآخر وإعادة إغلاقها بعد ذلك.
إن اكتشاف الأحماض النووية منذ حوالي 10 أعوام هو بمنزلة اكتشاف الأبجدية فمن 28 حرفا تستطيع كتابة عدد غير منته من الكلمات المختلفة.
وهذا هو حال الأحماض النووية التي أعتبرها أبجدية الأجساد المختلفة في هذا العالم، ولكن ما لم يستطع العلماء والأطباء مجتمعين اكتشافه أو حتى فهمه هو ما يجعل هذه الآلة الحديثة المتطورة الصنع وهي جسم الإنسان أن تعمل وهي الروح.
فالروح هي زفير الله في هذه الآلة وهي ما تجعلها قادرة على العمل والاستمرار فهي شيء نقي سماوي لا يُخدش، لا يُكسر، لا يتألم، ولا يترمم كما هو حال الجسد.
وهناك أيضا شيء آخر لم يستطع الأطباء والعلماء اكتشافه أو فهمه وهو الحب.
ولكن ما أعرفه أنا عن الروح والحب أنهما إذا رحلا فإنهما لا يعودان.
ملاحظة: إن هذا المقال رومانسي وليس طبيا.
[email protected]