الفتوى والاجتهاد والادعاء مصطلحات تستخدم لتفسير الإشكالات في المسائل الشرعية والقانونية.. وكثيرا ما نرى بعض الناس يستخدمها دون أن يكون أحدا من رجالاتها.
فالإمام مالك رحمه الله يُسأل في أربعين مسألة فيفتي في أربع ويقول في الباقي «لا أعلم»، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال لا أدري فقد أفتى».
شاب في المسجد يرى أحد المصلين ينتظر الإمام بعد الصلاة، وعندما سأله قال: أريد أن أستفتي الإمام عن مسألة، فرد الشاب وقال: أنا افتيك فيها.
على مثل هذه الشاكلة نرى كثيرا من الناس يفتي ويدعي ويجتهد، من غير علم.. تتعرض أعراض الناس للطعن واللعن والسب والاتهام دون مبرر أو بينة.. لم يسلم من ذلك لا حاكم ولا محكوم ولا غني ولا فقير ولا مؤسسة ولا فرد..
تعلمنا أن نقول: هذا حرامي.. وهذا مستفيد.. وذاك مجرم، ومن النادر أن نسمع مدحا أو تزكية أو سكوتا على الأقل.
الإنسان كثير الخطأ.. ومن تجاوز صوابه أخطاءه فقد فاز.. وحري بنا أن نثني عليه ونمدحه كما يقول الشاعر:
إذا صد عنا الرفيق بماله
ذكرناه فيما مضى من جمايله
قد تكون الصورة لأحد في أعيننا جميلة (سواء كانت لشخص أو لمؤسسة) فتتغير بقدرة قادر إلى سواد عظيم وصورة عكسية يصورها حاقد أو حاسد قد لا يكون لنفسه حظ في تحسينها.
أين نحن من حسن الظن؟.. وأين نحن من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «التمس لأخيك سبعين عذرا».. و«البينة على من ادعى»... و«الظلم ظلمات يوم القيامة».
من القيم السامية أن نحترم الآخر، ولا نظن بأحد ظن السوء.. ولا نصدر حكما إلا بدليل، فأعراض الناس غالية، وهي من الضرورات الخمس التي نحن مأمورون شرعا بالحفاظ عليها.
إن الكلام في الأعراض والسمعة لا تقودنا إليه المجاملة أو إرضاء الآخرين.. فكلمة حق أمام حاكم جائر هي من أعلى المقامات في الدين والخلق والإنسانية، كما أن ترويض النفس في مثل هذه الأمور هو صفة العقلاء والحكماء، وكظم الغيظ من الإحسان.
ما نسمعه ونقرأه ونشاهده من اتهامات دون دليل تتناقلها الأفواه وتسمعها الآذان ما هي إلا اختراقات للقيم والأخلاق.
يقول الله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) الإسراء: 36.
[email protected]