أيام زمان في الستينيات وما قبلها كان الأهل يعلموننا كيف نودع رمضان.. وكنا نقول: الوداع يا رمضان شهر الطاعة والغفران، وذلك في الأيام الأخيرة منه.. استشعارا منا بخيرية هذا الشهر الفضيل وبركته، كما كنا نرى بعض أمهاتنا وجداتنا تدمع أعينهن، عندما نسمع خبر رؤية هلال العيد.. نقول هل هذه الدمعة دمعة حزن وفراق على ما فات من رحمة وغفران وطاعة وإيمان وصلة رحم وقراءة قرآن.. أم أنها دمعة فرح بقدوم العيد وإتمام الشهر المجيد وانطلاقة من جديد لطاعة الغفور الحميد؟.
رمضان مدرسة تحوي أعلى مستويات المناهج في العبادة والأخلاق والعلاقات والتنظيم والتربية وقياس مستوى قوة المسلم في طاعته لخالقه، فالصيام يعلمنا الإيمان وحب الرحمن وسلامة الاعتقاد وحسن الانقياد لأوامر رب العباد.. فكان القرب من الله والشعور به من مميزات هذا الشهر، يناجيه الصائم في صلاته ويداوم على ذكره ويرتل آيات كتابه المجيد ويعيش في بيته (المسجد) على مدار الساعة.
الصيام يعلمنا حسن العبادة وصحة العمل، فالصائم يتحرى أن تكون عبادته متوافقة مع شرع الله عز وجل وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أن الصيام يعلمنا الصبر ويرقق القلوب سواء من تحمل الجوع والعطش أو صلة الرحم والتواصل مع الناس وحب الآخرين.
إن الصيام برنامج يربي النفوس ويحسن الأخلاق من خلال قيم الإسلام السامية التي تصلح المسلم ليكون قدوة في حياته للآخرين، وهنا لنا وقفة مع أنفسنا في نهاية هذا الشهر الفضيل.. ماذا تعلمنا؟ وكيف نستفيد؟
هل سنظل على ما تعلمناه من خير ومنفعة أو ممكن أن نعود إلى حالنا قبل رمضان (فلا طبنا ولا غدا الشر)؟ فالرابح من فاز في رمضان واستفاد من منهجه.. والخاسر من مر عليه رمضان وهو نائم ويتمتم بالتسويف.
[email protected]