كان غاضبا ومتأثرا الى درجة أنه سيتخذ كل الإجراءات الصارمة لو كان الأمر بيده.. والسبب مع الأسف أنه يحكم على الأمور من اتجاه واحد فقط، وكأن عقله وقلبه وسمعه وبصره اختطفوا منه فلا يتلقى إلا من هذا الاتجاه.
قال لي وهو يتحدث عن إحدى المؤسسات الخدمية ذات العلاقة بالمجتمع: إنها فاشلة وتعمل خلاف نظامها الأساسي وإن قياداتها متهمون بالسرقة والحرمنة وتغليب مصالحهم على مصالح العملاء.. دون مراعاة لشخوصهم أو عوائلهم، فسألته سؤالا مباشرا: هل تعاملت مع هذه المؤسسة؟ أو هل عرفتها عن قرب واطلعت على أنظمتها ولوائحها وسياساتها؟ هل تعرف قياداتها سواء من الجانب الشخصي والاجتماعي أو العلمي؟ فقال: لا.. لا.. لا، قلت له: إذن لماذا هذا الحكم المتهور والاتهامات الباطلة؟ قال: سمعت فلانا وعلانا يقولان..
هنا تكمن المشكلة وهي أننا نحرص على الشين، والزين ما نحسب حسابه ونهتم بالسلبيات حتى لو هي قليلة أو غير صحيحة وما نرحم أحدا.. كل ذلك من مخرجات مدرسة يقولون والتي شعارها تقديم سوء الظن على حسن الظن.
هذا بالفعل ما نعانيه في عصرنا المتطور، بل إن كثيرا من اعلامنا يعتمد هذا الأسلوب إما للإثارة الإعلامية أو لمن يدفع أكثر، ضاربا عرض الحائط بمصالح الأمة والأوطان.. وما يزيد الطين بلة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها الاستخدام السيئ في تحريف الحقائق وتزييف المعلومات وتشويه الصور والتاريخ وذلك من خلال البرامج والانظمة التي تجعل الحليم حيرانا والخرافة حقيقة، فتنقلب عندنا القيم والأعراف.. وتتلون لدينا صور الناس والمجتمعات، فتارة انعدام ثقة، وأخرى إساءة ظن حتى نتعود الغيبة والبهتان وهذا ما نهانا عنه ديننا الحنيف.
إن الحكيم من حكم قلبه وعقله وشار واستشار، وأخذ الحقيقة من أي وعاء وجدها فيه.. لا يمنعه خوف وضعف أو نفاق واستحياء، إنما يعمل بجهد ليضع الموازيين في نصابها وفق كل معطيات الحكم اللازمة ليصل إلى الحكم الرشيد والرأي السديد.
[email protected]