ننسى أو نتناسى في كثير من الأحيان المثل القائل «نبدأ من حيث انتهى الآخرون»، ولعل ذلك قد يكون سببا رئيسيا في تأخر تحقيق النتائج وإطالة طريق النجاح، فكثيرا من العاملين لا ينظرون إلى الماضي ويستفيدون منه، بل يعتقد بعضهم أن وجوده على رأس هذه الإنجازات يحتم عليه أن يصفيها من كل الشوائب التي وضعها سلفه، وأن الحق لا يجري إلى على يديه، فيترك كل ما تم إنجازه صوابا كان أو خطأ ثم يعود من جديد مبتدئا من الصفر.
نحن نؤكد على أن الحكمة تؤخذ من أي وعاء خرجت، وأن الاستفادة من كل قديم صالح وجديد نافع هو مبدأ صحيح من مبادئ النجاح، فلا يسعنا في مسيرتنا إلا أن نكون مكملين للمسيرة ومساهمين في البناء الهادف ومعارضين لرغبات الذات والحسد، فالتكامل لبناء الوطن والمستقبل أمر مطلوب دون الرجوع إلى التبعية وإقصاء الآخرين، والناظر في مسيرة الدول المتقدمة يجد أن مسيرة الارتقاء والتطور لا يعوقها مذهب أو فكر القائمين عليها ولا ترتبط بوجودهم، إنما تقوم على حرص هؤلاء العاملين على مدار الزمن للنهوض في مشاريعهم التنموية التي تدفع بلادهم لتصف في مصاف الدول المتقدمة، فتغيير الحكومات والرؤساء والقياديين لا يؤثر على مسيرة التقدم والازدهار، أما عندنا في بلاد العالم الثالث فما زلنا نراوح عند مصطلح «أنا... أو بلاش».
أصبحنا في مسيرة التقدم كمؤشر قياس ضغط الدم تارة يرتفع وتارة ينخفض.. يتأرجح بين الحين والآخر حسب ما يراه أطباء الذات أصحاب المصالح وأتباع الهوى. لقد ظهرت في بلادنا الحبيبة مبادرات عظيمة كانت توحي بازدهار وتقدم في فكرتها الأولى، وما إن بدأ تنفيذها حتى جاء من يعرقلها ويعيدها إلى الوراء طالبا أن يكون نتاجها مسجلا باسمه وصورته، فتتدحرج الفكرة حتى تسقط في الهاوية.
٭ مني إلى وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع: لقد كانت مبادرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لترسيخ ودعم الوسطية والاعتدال وإنشاء المركز العالمي للوسطية ليكون نبراسا يشهد للكويت بدورها الريادي في نشر السماحة والاعتدال بين الناس واحترام الآخر وترسيخ مفهوم التعايش السلمي والحوار البناء وتجسيد الروح الوطنية بين مكونات الشعب الكويتي، كان ذلك في خلال 10 سنوات أداة بناء لها تأثير على أفراد الشعب من خلال ما قدم من أنشطة وبرامج وتدريب رسخت هذا المفهوم بقلوب الكويتيين، فأصبحت الوسطية علامة مميزة تدعو إلى كل هذه المعاني السامية، كما أن هذا الانتشار توسع إلى خارج نطاق الوطن إلى أن عم الأرض وما عليها مرتبطا باسم الكويت التي أصبحت منبرا عالميا لنشر الفكر الوسطي والاعتدال في العالم يشهد له القاصي والداني ووفق ما أراده صاحب السمو حفظه الله في فكرة إنشاء المركز.
إن الاستفادة مما تم من إنجاز إنما هو دافع لسرعة تحقيق الأهداف ومسابقة الزمن والوصول قبل الآخرين في إنجاز ما هو مفيد، لكن الرجوع إلى نقطة الانطلاق إنما هو نجاح يقودنا للهاوية.
[email protected]