التقيت في مدينة شيفيلد وسط انجلترا بصديق من اليمن، كانت همومه في المرة الأولى في السنة الماضية عن الاغتراب والبعد عن الوطن وكيف عاش لسنوات طوال مغتربا يسوقه الحب والاشتياق لروابع عدن وجبال صنعاء وسواحل حضرموت، وفي اللقاء الثاني هذه السنة رأيته يشكو مع الاغتراب ضياع الوطن وكأنه يقول من خلال نظراته: الله يرحم الاغتراب عن ضياع الوطن والأحباب، فكان يَبكي ويُبكي من حوله.
يقولون ان الإنسان في صحته لا يشعر بالمرض إلا عندما يزور المرضى، وهذه عين الحقيقة، لذا فالإحساس بقيمة الوطن لا يحس بها بعض المواطنين إلا في الأزمات، وهذا وللأسف تراخ في الشعور والإحساس نحو الوطن كما أنه انشغال بالحال والمال والعيال غطى على حب الوطن والعمل على تنميته وازدهاره.
في ظل الأوضاع الدائرة من حولنا والتي لا نعلم إلى أين ستؤدي بمستقبل المنطقة، تنتابنا الأحداث وتتخطفنا الكلاليب شرقا وغربا والكويت لقمة طرية كل يتسابق لأكلها والتلذذ بطعمها.. الكل يتربص بنا الدوائر، والأنظار تتجه نحونا، ونحن نجامل ونهاود ونرفع ونكبس ونرجو ونعتذر.. كل ذلك مقابل استقرار الوطن والمحافظة عليه، لم نر موقفا قويا وواضحا لا من القيادة ولا من تكاتف المجتمع، همنا الرسمي الدفاع عن الشريف ونسيان الضعيف وهم المجتمع من سبق لبق والخوف من المستقبل.. حتى اتجه المجتمع الى التفكير في وطن آخر متمثلا في شراء المساكن ونقل الأموال خارج البلاد.
لن أكون مهبطا ولا متشائما، بل أردت التركيز على بعض الحقائق التي يمر عليها المواطن ويشعر بالأسف، ثم سرعان ما يتجاوزها حتى لا يضيق خلقه، لقد من الله علينا بالنعم الكثيرة في المال والطاقات والتي تجعل من بلدنا دولة عظيمة تقيم ركائزها معتمدة على عون الله ثم همة أبنائها ومقدراته المالية والفكرية، تفرض نفسها بين دول العالم ويرفرف علمها مناديا هنا الكويت.. فصغر الحجم لا يعني ضعفا، وقلة العدد لا تعد تأخرا، بل القوة في الإحساس بها واستخدامها والتقدير يأتي من حسن التدبير.
[email protected]