المشاركة في الحكومة واجب وطني يلزم فيه الإخلاص والعمل الجاد في خدمة الوطن، ويستوجب الموافقة بهذه الخدمة ما دام المرشح تتوافر فيه كل المواصفات اللازمة لهذا العمل ويتصف بالقوة والأمانة، ويتوافق ذلك مع حجم التكليف والصلاحيات الممنوحة له.
عاصرت في الوزارة أثناء عملي كقيادي 13 وزيرا على مدار 15 سنة، اكتشفت بنظرتي المتواضعة بعض الهموم والضغوط التي يتحملها الوزير فتجعل منه موظفا يعطي أكثر مما يأخذ.. علما أن الوزراء في بعض الدول يتفرغون للقضايا الرئيسية مثل التخطيط ووضع الاستراتيجيات والرقابة ولا ينشغل بالأمور التنفيذية التي يقوم بها العاملون.
الوزير حاليا موظف محدود الصلاحيات في الحكومة، لابد من أخذ الموافقة على القرارات وإن كانت في بعض الأحيان بسيطة.. أما المسائل الكبير فليس بيده الا التنفيذ، كما أن المجتمع يوجه الوزير عبر مجلس الأمة وهذه ورقة الضغط الثانية... حتى ان الموظف المبتدئ يهدد وزيره بالاستجواب عبر نواب دائرته، أما الورقة الثالثة فهي وضع المجتمع الذي يقوم على الواسطة وإشغال الوزير بها بسبب القربى والصداقة وغيرها من العلاقات، فهو في دوامة بين هذه الأوراق الثلاث.
يغتر بعض الناس بالتوزير ويتمناه، لكنه لا يعلم بحال هذه الوظيفة وتبعاتها والجهد المبذول فيها والتعب المحصل منها.. فلا نلوم من اعتذر وأحجم عن المشاركة مع علمه بهذا التكليف المشرف وخدمة الوطن.
الوزير هو رئيس الجهاز التنفيذي في وزارته وله جميع الصلاحيات في إدارة وزارته، كما يفترض أن الجهاز التشريعي المتمثل بمجلس الأمة لا يتدخل بإجراءات الوزير التنفيذية وفق مبدأ فصل السلطات ما لم يكن هناك فساد بيّن، حتى ان المجتمع لابد أن يقدر من في هذه السلطة تقديرا لوطنه وإعطائه كل الدعم والمساعدة لتحقيق القسم الذي أداه عند التعيين وعدم إشغاله واقتطاع وقته لأبسط القضايا.. وللحكومة دور في دعم الوزير وإبراز أعضائها بما يليق برفعة البلاد والارتقاء للأحسن وذلك عبر التوسع الفاعل بإدارة وزارته وفق خطة تنموية تعتمد بعد تعيينه.
عندما أقابل وزيرا كأنني أريد أن أقول له الله يعينك في خضم هذه التحديات والضغوطات وستذكرها بعد حين.. فالوزير لا تزيد مدة توليه الوزارة على سنة في المتوسط، بعدها يغادر ولا يذكره إلا قليل ممن أدى لهم خدمات جليلة.. هكذا نحن في ثقافتنا تجاه قياداتنا ونطمح للتخلي عن بعض مصالحنا تجاه النهوض ببلدنا الحبيب.. ليس الشعب فقط بل الشعب والحكومة يدا بيد.
[email protected]