عندما تحاول أن تستشف المستقبل لنسيج المجتمع الكويتي سياسيا ستبرز لك جميع الخطوط المستقبلية لواقعنا السياسي، بعد أن بدأت تتخلل وتتفاعل في جسمه السياسي الأمور المستجدة من النواحي الفكرية والتنظيمية، فمثلا: هناك سكان المدينة والقرى القديمة وبعض العشائر الذين سعوا الى ترسيخ الديموقراطية والقوانين الوضعية كتابيا والتي كانت في الأصل موجودة عرفيا وبدأوا ينقرضون سياسيا، ويتقلصون نفوذيا، وفيما بعد فكريا وتأثيريا ستزداد هذه الظواهر آنفة الذكر مستقبلا.
حتى العنصر النسائي الذي كان يطالب بحقوق المرأة سابقا سيغيب عن مسرح الأحداث سياسيا في السنوات المقبلة، لأن الأعداد المتزايدة من العنصر النسائي وأولادهن سيتكاثرون ويطفو عددهم على مسرح الأحداث بعد أن تحققت لهم امتيازات وحقوق تخول لهم ذلك.
الحليب المجفف: فيما مضى عندما كان يراد ان يكال المديح لشخص ما يقال له: هذا شارب من حليب أمه، أما اليوم فكما يعلم الجميع ان أغلبية هذا الجيل يشربون من حليب الأبقار الأسترالية والدنماركية والهولندية ولم يظهر لنا أي تغيير في أشكالهم أو بنيتهم الجسمانية، ولكننا نسأل أصحاب العرف والفكر والاستنباط والمتخصصين في علم النفس: هل هناك تأثيرات على خلايا المخ أو الأوتار الصوتية لهؤلاء؟ خصوصا بعد أن لاحظنا عدم الاهتمام من بعض المسؤولين وبعض الفئات الأخرى بما يحدث من حولنا إقليميا ومحليا من ظواهر لم يجدها في السابق وتجدد داخليا وتتفاعل خارجيا ولكن أدهشنا أن بعض هؤلاء المسؤولين لم يطلهم الحليب المجفف، إلا إذا سبق وأن شربوا من حليب بقرة الفريج.
فنحن نرى ان ثقافة القتل والتفجير القديمة والمستجدة بدأت تطل علينا هذه الأيام وتكال اتهامات التخاذل والخيانة بين أطراف النزاع في هذه المنطقة ولم نلحظ ما يدل على فهمنا لهذه الوقائع التي تمهد لعواصف الحرب أو الاحتواء وفي كلتا الحالتين الحلو منهما مر.
وعلى كل حال فالنقطة التي يمتاز بها بعض متناولي الحليب المجفف انهم «يعتبرون إخوة من الرضاعة».
السلطات الأربع: أحدث السلطات الأربع وهي السلطة الرابعة الإعلامية ظهرت من خلالها بعض الأقلام والمتحدثين في بعض القنوات الفضائية ممن يثيرون الفتنة محليا وإقليميا، وينمون البغضاء والعنصرية بمسمياتهم التي تشير لبعض الفئات من النسيج الكويتي، ويعكسون ذلك على الجيران الذين لهم امتدادات لا يمكن إنكارها مما يرسخ هذه المفاهيم في عقول قصيري النظر، وفي عقول صغار السن، مما يجعل المتربصين يضربون على هذه الأوتار، ويجدون في هؤلاء ضالتهم ويعبثون بهذه النعم التي حبانا الله بها، وتتأثر الوحدة الوطنية التي يجب ان نكون حريصين عليها فاحذروهم، كما يجب ألا يتسلل قصيرو النظر هؤلاء الى السلطات الأخرى التي شرعوا للتمهيد لها فلا تغفلوا عنهم كما غفلتم سابقا في سبات نومكم، افتحوا عيونكم واصغوا لسماع النصيحة قبل أن تقع بكم الواقعة ويصيبكم المثال الذي يقول «خبز خبزتيه يا الرفلة اكليه».
سكر عيونك وصم أذنيك: جاء رجل يبحث عن صديق له بعد ان انقطعت بينهم الاتصالات ليسأله عن سبب انقطاعه، وعن واجبات الصلة ومسؤوليتها فوجده جالسا، واضعا على عينه غطاء وفي أذنه وقر، فسأله عن السبب؟ فقال له: لا أريد أن أرى أو أسمع بعد أن كثر الضجيج وعلت الأصوات، وتغيرت المظاهر والمناظر التي كنت أعرفها، فقلت له: الله يشفيك من هذه الحالة المستجدة والتي لم نعهدها فيك من قبل.
يا منادين بالصوت ترى الحمض خالي
وحراسها لاهين منذ سنيني
وعيونهم غطت وفيها زلالي
وفي الأذن وقر وزاد فيها الطنيني
والبقرة الحلوب صارت حلالي
وصبر جميل وجعل ربي يعيني
واكل في دنياك لقمت حلالي
وابعد عن الحرام شين الخنيني (الرائحة)
الظواهر السلبية: معالجة هده الظواهر ليست بالعصا أو الحصى يا سادة، بل معالجة من ابتلي بأمراض هرمونية، أو آفات المخدرات بإيجاد الحلول العلاجية بإنشاء المصحات وجلب المتخصصين في علاج هذه الظاهرة أو تلك ولا تخضعوا هذه النواحي الإنسانية لمزايدات ومآرب انتخابية واتقوا الله حتى لا يصيبكم كما أصابهم.