عندما تنظر وتتعمق بالتفكير في وضع هذه الدولة المملوءة بالإنسانية بشعبها ورقعة أرضها الصغيرة، وترى الثروة التي حباها الله بها والتواضع بين النظام وقواعده الشعبية ونسائم الحرية والديموقراطية التي تتمتع بها، تجد ان ما يحدث فيها من حوارات هابطة وألفاظ بذيئة تسوقها شرذمة طغى صوتها على الأغلبية الصامتة والتي أصبحت لا تحرك ساكنا، سالكة بذلك الطرق السلبية بمفهومية «ماكاري» يحق لنا حقا ان نعتبر هذه المواقف قلما تحدث في ظروف مثل ما تتمتع به هذه الدولة التي ابتليت بكثرة الجدال وقلة الأفعال وأصبحنا فرجة لمن أراد ان يتسلى محليا من ناقصي العقل والتفكير، واقليميا من المحبين الذين أصابهم الذهول مما يحدث عندنا إعلاميا من بعض المفردات التي لا ترقى الى مستوى المسؤولية ولا تحدث الا في بلدان أصابها الظلم أو أصابها الشح في الموارد المالية وهذا ما لا وجود له في الكويت منذ فجر تاريخها، وزادت حدة تلك الظاهرة مع ما حدث في مجلس الأمة بين من انتخبهم الشعب ووضعهم على رأس القمة.
فهل يفهم ممثلو الأمة حجم ما حدث؟ اذن يحق لنا كما يحق لغيرنا ان نكون من عجائب الدنيا في تصرفاتنا هذه لأنها ستقضي على الأخضر واليابس، لا سمح الله، ان توسعت أو تكررت مرة أخرى، خصوصا من هذا الصنف الذين يدعون انهم يمثلون الشعب كله وأقسموا على ذلك، فعلى الناخب ان يتمعن جيدا في حسن الاختيار ولا يأخذه البريق الزائف وعليه ان يفهم مصلحته أولا وما يفرض عليه نحو بلاده وأمته وألا ينفذ أجندات داخلية أو خارجية من الذين لا يعيشون الا على عدم الاستقرار وإرباك النظام والصالح العام.
فالإرهاصات الاقليمية فيما حولنا والدعم الدولي لها تتطلب منا جميعا ان نكون على مستوى هذه الأحداث التي لا يسلم منها إلا من بصره الله بالحكمة والتعايش السليم مع متطلباتها بدرجة عالية من التفكير والحكمة، وعلى النظام والحكومة أخذ المبادرة بإصلاح الأوضاع قبل الطوفان القادم من كل جهة، فلن يعفيهم التاريخ من هذه المسؤولية خصوصا في هذه الظروف التي أتت على من هو أعلى منا عددا وعدة.
دارت رحاها: دارت الرحى وتحركت جغرافية الأرض بشريا على الحدود المحاذية للكيان الصهيوني والتي كانت نائمة لعدة عقود، وهذا يعطي مؤشرا لأولي الألباب بأن العقاب الإلهي بدأ يتعامل شيئا فشيئا بمعالجة هذا النظام الجائر لما حدث لشعب اخرج من دياره ليسكن فيها من ليس له حق تاريخي أو ديني، بل جمعوا من أقطار متعددة حتى يكونوا قاعدة متقدمة للاستعمار وركائزه من عبادة المال ولكن إرادة الله تمهل ولا تهمل وكل لما ترونه من زحف على جانبي الحدود وحركة وحراكا في الداخل بداية هذا التغيير الإلهي ولا شيء غيره، فعلى الفلسطينيين داخليا وخارجيا ان ينبذوا جميع الخلافات لخدمة شعبهم وكفاهم ما يحاك له من مؤامرات وظلم من الأعداء وبعض من أبناء قومهم مع شديد الأسف، ومن لم يأخذ بهذا النهج والمنهجية ويستغل هذه الظروف المتعاطفة والمقبلة عليهم لا يستحق الحياة، فنرجو ان تكونوا كما نثق فيكم من هؤلاء الذين يفهمون واقع الحياة ويتعاملون مع معطياتها، خصوصا انكم من أرض بارك الله فيها.