مطلق الوهيدة
ما قاله الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل من سرد تاريخي لأحداث حدثت منذ أكثر من أربعين عاما عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وما حدث في حرب 1967 وعلاقة الملك حسين في تلك الفترة وما سبقها تتطلب توضيحا وتحليلا أكثر وضوحا لهذه الفترة والظروف التي حدثت فيها، ففي فترة الستينيات حتى نهايتها بدأت المؤامرات تشن على قدم وساق ضد جمال عبدالناصر ومصر الحبيبة هذه المؤامرات التي استعمل فيها تضليل بعض الأحزاب العربية يساريا ويمينيا حتى أضلوا غيرهم بالشك والشكوك في بعض الزعماء العرب ومن هؤلاء الزعماء المرحوم الملك حسين الذي لا نشك في عروبته وإخلاصه لبلده وشعبه وكان يتمتع بالشجاعة والذكاء والفهم منقطع النظير لحركة التاريخ واتجاهاتها والظروف المحيطة بالأردن وشعبها الكريم في ذلك الوقت فحاولت هذه الأحزاب إيهام مصر العرب والعروبة بأن الملك لا يعمل لصالح الأمة فبدأوا يدخلون الشك والشكوك في مواقف بعض الزعماء العرب ومنهم هذا الملك الهاشمي الذي لا نشك في اصالته وإخلاصه للأمة وهذه الأحزاب مدفوعة من الشرق عن طريق الأحزاب اليسارية والبعض الآخر مدفوع من الغرب عن طريق الأحزاب اليمينية فهم بذلك لا يريدون زعامة كجمال عبدالناصر ومصر الحضارة والعروبة والتي عمرها ما تآمرت على القضايا العربية وكذلك الأسرة الهاشمية التي قادت ثورة 1916 على الدولة العثمانية ان يمنعوا الالتحام فيما بينهم، فالملك حسين في ذلك الوقت كان يتحرك بذكاء خارق، خصوصا ان الأمواج تتصاعد بشكل مخيف وخطير على شعبه وبلاده فمن اراد ان يتعرف على مواقف الملك وإخلاصه لأمته يقرأ الرسالة التي ارسلها في 18 أبريل 1967 مع الفريق عبدالمنعم رياض لجمال عبدالناصر والقيادة المصرية، حيث تعطي مدلولا واضحا على إخلاصه ووطنيته، هذه الرسالة التي حذر فيها مما هو قادم ضد مصر والأمة العربية ولكن هذه الرسالة سوّف بها يمينا وشمالا ولم تصل لمن يعنيه الأمر في الوقت المناسب الا بعد فوات الأوان وكذلك الزيارة التي قام بها الملك حسين قبل هذه الحرب ببضعة ايام ليطلب من مصر ان يتولى عبدالمنعم رياض قيادة الجبهة الأردنية حتى يزيل الشك والشكوك فيما يثيره بعض المأجورين في ذلك الوقت ومعركة الكرامة فيما بعد تعطي مدلولية واضحة لمن اراد ان يتعرف على مواقف الأردن وملكها الراحل.
فنرجو من المستعرضين لأحداث الماضي ان يجردوا أنفسهم من الميل والميلان ليرضوا بعض الأبواق الفانية والتي لم تنفع في يوم من الأيام، ونحن لا نقصد بذلك الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الذي لا شك في انه يتمتع بمعلومات واضحة ووثائق دامغة والتي لم يبرز خفاياها التي تبين ما بين الجدران حتى لا يغضب بعض من الأطراف التي كانت تتشدق بالوطنية عن هذه الجزئية التي تتحدث عن زعيمين عربيين تكالبت عليهم ظروف محلية واقليمية ودولية غير طبيعية في ذلك الوقت ونحن كشعوب عربية لم نفهمهم ونعطيهم قدرا كافيا في تلك الظروف التي لو كانت على احد منا لأصبح في خبر كان من أول وهلة، وانا جازم بأن هذا الكلام لا يرضي بعض الأطراف التي لا تقرأ ما بين السطور، والظروف التي املت على هؤلاء الوقوف فيها ولكن التاريخ ان سمحت له الظروف في المستقبل سيكشف جميع الأحداث التي حدثت منذ 1956 وحتى يومنا هذا وما سيحدث في المستقبل، لأن هذه المؤامرات والتآمر لاتزال مستمرة حتى يومنا هذا ولا يتجرأ احد من الذين عايشوها قديما وحديثا ان يفصحوا عنها، لأن اللعبة لاتزال تجول وتصول على الوطن العربي وتنهش فيه تحت مسميات وأساليب اختلفت عن ذي قبل، فاتركوا نبش الماضي واقرأوا واستعرضوا المستقبل لأن أمتنا لاتزال تتعرض الى مؤامرات ونوايا كفانا الله شرها.
وهنا أحب ان انصح وأنبه بأن ليس كل ما ينشر من وثائق من جانب عالم المخابرات صحيحا لأنهم يسعون لتضليل الشعوب ولو بعد حين لأن مؤامراتهم لاتزال مستمرة.
يا كاتب التاريخ احسن بصنعه
واحذر مـن الزمان سـود الليالي
وبالك من المشبوه لا تجيك فلعة
ترى الزمان اليوم مر وحالي