مطلق الوهيدة
تحدثنا في الحقبات الماضية منذ تأسيس الكويت عن رجالاتها حسب الروايات من الآباء والاجداد وغيرهم من الخيرين الذين نقلوها عن آبائهم واجدادهم، والآن يطيب لنا ان نتابع ونستكمل ما عرفناه او روي لنا عن هؤلاء الابناء والاحفاد لتلك الشخصيات المميزة من حكام وتجار ومثقفين وعمال وعاملين.
الحقبة الثامنة: نريد ان نذكر نموذجا من هذه الفئات آنفة الذكر ولا يعني ذلك تجاهل الذين لم نشر اليهم بالاسم بل ما ينطبق على هذه النوعية ينطبق على الآخرين، لكن بدرجات متفاوتة من العطاء، كل منهم حسب امكانيته المادية والاجتماعية في ذلك الوقت، لكننا نستطيع القول ان الحكام والتجار والمثقفين والعمال والنساء ايضا ساهموا تجاريا وفكريا وثقافيا وعمليا في جميع مرافق الحياة، ويدل ذلك على ما نراه اليوم من مؤسسات وانظمة وقوانين ومواكبة للتطور الاجتماعي في جميع النواحي، وسأبدأ برجال من الشخصيات المعروفة من الاسرة الحاكمة حتى تتعرفوا على احاسيسهم الوطنية التي كما قلنا يتمتع بها الكويتيون منذ فجر التاريخ، وهؤلاء هم الامير الراحل ابو الاستقلال والديموقراطية والدستور المرحوم الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه ومواقفه في تحقيق ما ذكرناه وكذلك موقفه قبل ذلك من حلف بغداد ورده الصارم علي نوري السعيد وعبدالاله بحضور المقيم البريطاني وهذا يعطي مدلولية واضحة على ما يتمتع به من موقف قومي لا غبار عليه.
اما الشخصية الثانية فهو المرحوم الشيخ عبدالله الاحمد طيب الله ثراه وانا اسميه «سور الكويت الامني»، وما اريد قوله عنه روي لي من احد الحراس الذين رافقوه في قصر نايف، عندما اندلعت حرب السويس جاء قادة الاسطول البريطاني في الخليج وكان الشيخ عبدالله السالم خارج الكويت في تلك الفترة فذهبوا لمقابلة الشيخ عبدالله الاحمد بمرافقة السفير البريطاني آنذاك طالبين منه ان يسمح لهم بانزال بعض القوات البريطانية لحماية النفط، لكن الشيخ عبدالله الاحمد قال لهم: اذا كان الهدف حماية النفط فسنقوم بحمايته حماية كاملة، لكنهم حاولوا بشدة ان يقتنع بهذه الفكرة، لكنه اصر بحزم على عدم نزول اي جندي على شاطئ الكويت لهذا الغرض، وقال لهم: سنضع على جميع آبار النفط بدل الفرد فردين وبدل الفردين اربعة، وحصل بينهم من الشد الكلامي الذي جعل الشيخ عبدالله الاحمد يتحدث بلهجة قوية وموقف حاد يدل على الروح الوطنية التي تمتع بها حتى حصلت بعض من الكلمات التي لا نرغب في ان نوردها حسبما رواها لي هذا الحارس الذي كان واقفا معهم في الكرادور المؤدي الى الخارج.
اما الشخصية الثالثة فهو المرحوم الشيخ عبدالله الجابر طيب الله ثراه والذي رأيته وسمعته شخصيا في اوائل الستينيات، عندما كنت حاضرا في مصر في احتفالات عيد الثورة وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر رحمه الله وكبار الزوار في المقدمة وبجانبه الشيخ عبدالله الجابر، وكما تعلمون الصفوف على المدرج الواحد منها تلو الآخر، وكنت حسب اعتقادي جالسا في الصف الرابع خلف الرئيس وكنت ارى المقدمة بكل وضوح لكثرة الاضواء عليها، وكانت ام كلثوم تنشد الاناشيد الوطنية والحماس على اشده، وكانت بين فترة واخرى تأتي بعض الوفود الحزبية للسلام على الرئيس وتهنئته، وكان هناك اثنان من الاخوة كنت لا اعلم بتواجدهما في هذا الحفل طلبا السلام على الرئيس وهما فهد بن حمد واخوه ناصر الحمد عضو مجلس الامة الاسبق رحمهما الله، فطلبا من مسؤول التشريفات السلام على الرئيس وتهنئته، فأذن لهما بذلك، فعندما جاءا متجهين الى الرئيس بأناقتهما ومنظرهما وجسميهما وطولهما الذي كان لا يقل عن طول الرئيس، وعندما اقبلا ما يقارب الـ 15 مترا وقف الرئيس لهما، لأن الرئيس كان حريصا في ذلك الوقت على اهل الخليج والجزيرة العربية والحركات الوطنية فيها، وعندما سلما عليه وعرفاه باسميهما وانهما من الكويت وسمع بذلك الشيخ عبدالله الجابر تحرك حركة حماسة لا استطيع وصفها، وسر بذلك مما رأيته امامي في الحركة التي تدل على انه استأنس من هذا.
وهذا يدل على حماسه الوطني وثبت ذلك عندي يقينا فيما بعد، فعندها كنت اعمل في دائرة النقليات قسم v.i.p، طلبني المدير وقال لي: خذ هذه السيارة المخصصة لكبار الزوار واذهب الى قصر الضيافة وخذ قادة المنور الحربي الانجليزي لقصر الشيخ عبدالله الجابر في منطقة بنيد القار، فذهبت هناك واخذتهم الى القصر المذكور، فعندما وصلت هناك كان في انتظارنا سكرتير محافظ الاحمدي الشيخ جابر العبدالله واسمه سعيد، فأخذهم الى الداخل، وبعد ساعة جاؤوا ومعهم الشيخ عبدالله الجابر، فعندما وصلوا قرب البوابة الخارجية للديوان كانت هناك صورة عسكري برتبة ملازم معلقة على الحائط، فوقفوا مقابلها وتحاوروا فيما بينهم وتحدثوا عن هذه الصورة، فقال الشيخ عبدالله الجابر قل لهم يا سعيد: هذا ابني علي يدرس في مصر السياسة المصرية والنهج المصري، فكأن سعيد ما اراد قولها فشد عليه الشيخ بأن يقول كما اراد، وكان الانجليز ينظرون للحدة الكلامية التي حصلت من الشيخ فقالها سعيد لهم، فكأنهم تضايقوا من هذه الكلمة، فكل ما سلف ذكره عن هذه الشخصيات المرموقة آنفة الذكر يدل دلالة واضحة على ان التيار القومي واصل الى الاسرة ايضا.
اما فيما يتعلق بالتجار والمثقفين والعمال فسنورد اليكم نموذجا منهم ايضا في المقال المقبل بإذن الله.
العرب والصراع الصهيوني: قيَّدهم mr. gate وتيَّهم نتنياهو ولبَّنهم ليبرمان وبرك عليهم باراك والله يستر من اللي جاي.
it is very difficult to narrow the gap between them.