موسى المطيري
كان كغيره إنسان، له حلم وطموح وأفكار في الحياة، كان لا يعلم المجهول الذي ينتظره، ولهذا بدأ حياته بالعيش وكغيره عاش، وكبر فيه العمر ليكتشف انه بدون، أي لا أوراق رسمية تثبت وطنيته رغم انه كويتي المولد والحب والولاء، كويتي المحيا والعيش، وببساطة هو لم ير بلدا غير الكويت، ولا يعرف هواء إلا فيها، ولم يفرح أو يحزن إلا على أرضها، وببساطة أشد مأساة، هو كويتي دون إثبات!
آمن بقدر الله وقضائه ولم يشأ أن تقف حياته على هذه الأحزان (الأوراق) لذا تزوج ليأتي بأحزان أخرى مهمومة وأنجب 3 بنات ليتحولن إلى دموع تنهمر كل يوم أمامه، والسبب أن لا أوراق تثبت وطنيته.
حاول جاهدا البحث عن عمل لكي يعيل تلك الأفواه، حاول جاهدا توفير أبسط سبل الحياة، وحتى تنعم بناته الثلاث بقليل من الفرح الطفولي، عمل براتب لا يتعدى الـ 140 دينارا فقط، وكان يعمل صبح مساء، إلا انه كان راضيا، قانعا، بسيط الآمال والسبب انه لا أوراق تثبت وطنيته.
مستمر هو في الحياة لأن الله أراد ذلك، يسعى بدعائه كل صلاة لأن يبدل الله الحال من حال إلى آخر، وما بين بوارق تصريحات المسؤولين ووعود أعضاء مجلس الأمة تقف هذه الحياة، أهناك تجنيس أم لا، أسيعود كشف الألفين أم لا، أستصنع لجنة البدون التي شكلت في مجلس الأمة ما لم يصنعه القدر أم لا؟
هذه ببساطة تطلعاته، ولهذا هو يقرأ الصحف اليومية كل صباح باحثا عن أمل(خبر)، في كل صفحة يقرأ، عله يجد الفرح الذي مازال يحلم به، ليس لنفسه إنما لبناته الثلاث اللائي تدمع عينه كل يوم عند مشاهدتهن «بدون».
محزن أن يكون المستقبل بهذا السواد لفئة من الناس في أرض عرفت بخيراتها على الغير، محزن أن تقطع القلوب حزنا كل مساء في أرض توزع الفرح في أرجاء المعمورة، ومحزن ألا تشعر بالأمان في أرض تعطي صكوك الحرية لآخرين، قصة البدون هذه يا سادة باتت في كل منطقة، والدموع تسيل على خدود الكثيرين، فهل من حل لهذه المأساة، وهل من قلوب تصحو لتعطي هذه الفئة الحق بالعيش بكرامة.
لقد أخذنا الوقت الكثير في البحث عن حل لهذه المشكلة وزاد طين اللجان «بلة» ولم تأت بالعلاج الشافي وما زال الأطفال «يبكون» وما زالت الأمهات تحلم، وما زال الآباء يسترقون أمل الحصول على الجنسية ليس لشيء إنما من أجل العيش والحياة الأفضل لأبنائهم. والله من وراء القصد.