موسى المطيري
لم تأت برغبة مني، ولم تكن ذات شأن عند حضورها، فقد باغت مجيئها ما أحمله من رفض لها حتى استحلت الهواء الذي بي، حينها أدركت انها ستصبح شريكة السعال، وانها ستكون رفيقة الأصابع والزفير.
هي أسوأ عاداتي، وأقربها في نفس الوقت لدي، فقد شاركتني الكثير من الأيام، ولا أنسى - رغم كرهي لها - انها الأقوى دائما، فعادة ما تغلبني عند محاولتي تركها، وعادة ما تنتصر لأعود محطما طالبا الصفح، كانت مؤنستي أيام الدراسة الجامعية، حيث كنت أقلب صفحات الكتب وهي بيدي، وحتى بعد ذلك أصبحت رفيقة الفنجان والقلم، ولم أعد أستطيع الإمساك بالقلم لكتابة المقالة، الا بعد ان اذيب دخانها في الغرفة لكي أتمكن من التفكير، والكتابة.
هي الدخان الذي جاء لي من حيث لا أعلم، هي متعبتي التي سيطرت على أنفاسي، فبدأت رحلتي معها دون ترك، ولم تزل تلك الرحلة والتي وصلت لسنين عجاف لم أستطع استملاك اي قدر من الشجاعة للابتعاد عنها او حتى المحاولة.
ورغم معرفتي بعواقبها، ورائحتها، وأذاها الا انها تتمسك بي برغبة مني، حيث مازلت أعد العدة لشن حربي المتوقعة والتي لن تبقي «ولاعة» ولن تذر «باكيت» في القريب العاجل، وسأنتصر لأنني أعرف ذلك، فالسعال ازداد، وحرماني من التدخين في اماكن كثيرة لم يعد يعجبني، ولأنني بدأت أثقل جيوبي بحملها وحمل متاعها الآخر.
سأعلن الحرب عليها يوما ما، وسأفوز بنصر! سأفوز!! من قال ذلك وأنا الآن أشعل النار في عدوي اللدود؟! قد أخسر معركة معها، ولكن لن أخسر الحرب يوما ما!