موسى المطيري
عقدت العزم هذا العام على تكرار رحلة العام الماضي والسفر إلى أوروبا حيث الأجواء الباردة والأمطار التي «نتشفق» عليها نحن الصحراويين الذين ولدنا في بلد غالبية أجوائه صحراوية، فكانت الرحلة التي استمتع بها الآن في شمال أوروبا وتحديدا في منطقة تدعى «الميرا» شمال عاصمة هولندا أمستردام وهي منطقة حديثة البنيان وريفية الطابع حيث تحيط بنا الأنهار والخضرة والوجه الحسن بالطبع على مد النظر ولا يكاد يمر يوم واحد إلا وتهطل الأمطار التي ترسم بعد نهاية هذه اللوحة الجميلة قوس قزح وهو القوس الذي درسناه كثيرا في مرحلة الابتدائي ولم نشاهده قط إلا هنا في هذا الجمال الممتد.
ورغم بعدي عن الوطن واشتياقي له إلا أن ما بدد ذلك اثنان من أكرم من عرفت في حياتي واللذان قابلتهما في ذلك البلد الجميل وهما أخوان يحملان الكرم العربي الأصيل والنخوة الشمالية، شاءت ظروفهما أن يهاجرا إلى هذه الديار مغتربين عن وطنهما يعملان كي يبنيا مستقبلا أجمل لهما، فأحاطاني بكل طيب «وشهامة» ولم يدعا النقص أيا كان يقترب مني فكانا مرشدين سياحيين لي طوال تواجدي في هولندا والدول المجاورة، بل وأكثر من ذلك حيث يعجز القلم عن وصف ما قاما به، والأخوان هما حيدر الخفاجي ونايف البدري اللذان عاشا وتربيا في أحضان الكويت وأحباها أكثر من أي بقعة أخرى في العالم وطوال اغترابهما لسنوات تجاوزت الاثني عشر عاما، ظلا خلالها يحلمان بأن تطأ أقدامهما الكويت ويقولان دائما جئنا إلى الغربة وتركنا قلوبنا لديكم ولا تزال.
وحقيقة الأمر كم تمنيت أن تستفيد الدولة من طاقات الذين ملكوا العزيمة والإصرار وتكونت لديهم مهنية في العديد من الصناعات الحرفية في الدول الأجنبية وهم إضافة لذلك يملكون كل هذا الحب والإخلاص لبلد ولدوا فيه وعاشوا مراحل طويلة من حياتهم على أرضه، وأن تستغل هذه الطاقات بشكل أفضل ويتم استثمارها ومنهم الخفاجي والبدري اللذان يعملان في أعرق المصانع الهولندية، فكم كويتي لا يملك أوراق الانتماء ويعشق ترابها ويتمنى أن يفديها مثلنا.
وعودة للجمال الأوروبي فقد أخذ الاستمتاع بالطبيعة الجميلة معي ما أنساني تصاريح النواب وقرارات حكومتنا الرشيدة وكذلك مفارقة شريط الأخبار في أسفل الشاشات الفضائية، لتتواصل رحلاتي بين هذه الدول الأوروبية، حيث أدخل وأخرج من دولة لأخرى دون الحاجة لاستخدام جواز سفري أو استبدال عملتي بسبب الربط بين «الأوروبي» والذي ما زلنا نحلم به بين دول مجلس التعاون منذ 30 سنه تقريبا.