ماذا تبقى من التكنولوجيا ليظهر؟ ففي هذا الزمن تتسابق الاختراعات فيما يخص برامج التواصل لتمحو ما كان جميلا في السابق، ومع هذا التطور المتسارع الذي نجاريه بكل شغف نسقط مقابله شيئا أهم، ففي مقابل «الواتساب» تناسينا الزيارات والتواصل، ومقابل «تويتر» تناسينا حضور الندوات والمحاضرات، ومقابل «سناب شات» تناسينا الاطلاع وقراءة الكتب، فمع كل برنامج تواصل نسقط مقابله قيمة بديلة كانت أهم وأعمق في حياتنا، فأصبحت حياتنا رهينة الأزرار خلف الهواتف ولم نعد نهتم لما كنا نجنيه في السابق من حميمية اللقاءات، لأننا نتواصل بـ«قروبات» حيث صار للأهل «قروب» وللأصدقاء «قروب» ولزملاء العمل «قروب» حتى أصبح ذلك كله بديلا عن التواصل.
وحقيقة الأمر ان هذه الظاهرة على الرغم من وجود القليل من الايجابية فيها، فإن آثارها السلبية أكثر من ناحية انعزالنا عن الآخرين، ففي السابق ومن تجربة شخصية كنت ألتقي أصدقائي في يوم محدد في الأسبوع ويكون لقاء بعد انقطاع، حيث يكون مفعما بالتواصل وتبادل الاخبار وتبادل الاحاديث الودية والهادفة والآن وبعد موجة «القروبات» تم إنشاء «قروب» أطلقنا عليه «قروب الفرسان» حيث لا نكاد نرى بعضنا بالأشهر وكل ما هنالك تواصل عبر رسائل وأحاديث مقتضبة زادت من البعد الروحي الذي كان الطابع الأهم في الماضي، وهنا لست ناقما بالطبع على هذا التواصل ولكن في السابق كنا أجمل وأقرب وهو الامر الذي نفتقده.
وهذا الأمر كذلك ينسحب على بقية «القروبات» الأخرى التي يكون التواصل بها عبر رسالة صباحية وأخرى لدعاء وثانية لإشاعة وغيرها من الرسائل التي لا تفي بصلة الرحم، ومهما يكن فإن الأمر يدعو الى التفكر، ففي هذا الزمن ومع هذه البرامج لم نتأقلم، فماذا ستخبئ لنا الأزمان الأخرى من اكتشافات تكنولوجية أخرى؟ وماذا سنسقط أيضا لنستبدل؟!
[email protected]