تكرر ظهور هذه الجملة كثيرا هذه الأيام، حيث أعلنت غير قناة فضائية أنها تحضر لأعمال حصرية في رمضان، وأنها ستكون القناة المميزة في هذا الشهر والغريب أن تهافت المشاهدين هو ما يدعو للقلق، خاصة في هذا الشهر الفضيل والذي يتميز بكل شيء حصري بحسب «تترات» القنوات، ولكن يجب ألا تنسى هذه القنوات وألا ننسى جميعا أن الحصري في هذا الشهر المبارك هو الصيام، تلك العبادة التي تهذب النفس وتنقي الشوائب في أفئدة المسلم، والحصري في هذا الشهر هو صلاة التهجد والدعاء فيها وكيف ينعم المؤمن بدفء الاتصال مع بارئ الكون وخالقه، وليتنا نعرف أيضا أن الحصري في هذا الشهر هو قيام الليل وختم القرآن الكريم فيه، وليتنا نعي جميعا أن الحصري في هذا الشهر هو تآلف القلوب وصلة الرحم واجتماع الأحباب، وليت تلك القنوات تعرف أن الحصري في هذا الشهر هو أن إطلالته رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وأن هذا الشهر من أفضل شهور السنة، فليتنا جميعا نعرف هذا ونعرف فضل وسخاء هذا الشهر الكريم.
فلقد أذهلني تكرار تلك القنوات لهذه الجملة وكأن رمضان هو فقط مسلسلات وبرامج، وكأن المؤمن يبدأ يومه بمتابعة حلقة ويختم يومه بحلقة أخرى، فإلى أين هم بنا ذاهبون؟ لقد فضل الله تعالى بعض الأزمنة على بعض، كما فضل بعض الأمكنة على بعض وخص الله شهر رمضان بخصائص، وفضله بفضائل ليست لغيره ولذلك فإن أفضل الليالي هي ليالي رمضان، وأفضلها العشر الأواخر، ولذلك كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان، وكان آخر الأمر منه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان كل ذلك لأجل أن يتفرغ للعبادة، وينقطع لها، ويبتعد عما يشغله عنها وفي هذا قالت أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر، جعلنا الله وأياكم من العابدين القائمين الصائمين في هذا الشهر الكريم والعتقاء من النار.
ومع حلول هذا الشهر الفضيل أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لحضرة صاحب السمو الأمير وسمو ولي عهده الأمين، وإلى الشعوب الإسلامية والعربية بهذه المناسبة، داعيا المولى أن يعيننا جميعا على قيامه وصيامه وحسن عبادته.
وكل عام والجميع بخير...
ومبارك عليكم الشهر.
[email protected]