قبل أيام كنت على رحلة لطائرة قادمة من مدينة الطائف بعد أن منّ الله علي بأداء العمرة، ولقد هالني موقف تجسد أمامي جعلني أحمد الله أنني ابن هذا البلد، وما شاهدته دليل على تآلف هذا الشعب وتواده وتراحمه ودرجة الإيمان العميقة في نفوس أبنائه كبارا كانوا أو صغارا، مسنين أو شبابا، رجالا أو نساء، فالمشهد يبعث على الفخر والتفاخر لما قام به الكويتيون فيما بينهم والذي يجسد معنى التلاحم في أعبق صوره.
حيث صادف أن وقت إقلاع الطائرة كان قبل أذان المغرب بقليل ولكوننا صعدنا الطائرة استعدادا للإقلاع وما ان أعلن الكابتن عن دخول وقت الأذان حتى بدأ الركاب الذين لا يعرف بعضهم بعضا ليس بالإفطار فقط، بل بتبادل الأكل فهذا شاب قام من كرسيه ليوزع التمر على من هم حوله وتلك فتاة استلت «مطارة» القهوة العربية وراحت تقدمها للركاب القريبين من كرسي والديها بطلب من والدتها وهناك رجل قام من مقعده ليوزع ما في يده من اكل والابتسامة ترتسم على محياه، وآخر معه مناديل مبللة قدمها لمن هم قريبون منه ولم يتوقف هذا المشهد عند هذا الحد، بل كان مستمرا هنا وهناك، فخلف مقعدي امرأة مسنة فتحت علبة التمر «المغفوص» وبدأت بتوزيعه على المقاعد المحيطة بها وكأنني اسمع صوتها الآن «اقدع يابوك» وذاك يعطي وهذا يأخذ ومن يأخذ يعود ليعطي من أخذ منه حتى توقفت مذهولا أمام شاب آخر قام من كرسيه ومعه كيس وبدأ يطلب من الركاب المحيطين به وضع ما يريدون التخلص منه من مناديل وغيرها من النفايات.
هذا المشهد أكد أن أبناء الكويت بمعدنهم وطيبتهم وتآلفهم وسجيتهم شعب واحد، فهم أبناء الكويت الذين يذهلون العالم بكونهم أبناء للكويت اخوة في الوطن، ففي هذا المشهد السريع والذي لم يتجاوز الدقائق قبيل الإقلاع كانت الأصالة تتحدث والتاريخ يعاد والصورة تنسج لأشاهد ان وطني الكويت بشعبه الطيب وتآخيه باق، فالكل في الطائرة كان كجسد واحد، الكل يشعر بأن من حوله هم اخوانه وأشقاء له، دقائق معدودة مرت سجل بها مشهد يدعو لان نقول بصوت واحد: كم انت رائع أيها الشعب، حيث يحق لنا أن نفتخر بأننا جزء منك وانك جزء منا، فاللهم احفظ الكويت وشعبها من كل مكروه وأدم عليها نعمة الأمن والأمان تحت ظل قيادة صاحب السمو، فوالله إن هذا الشعب لايزال يرسم صور التآخي في كل موقف، فلله درك من شعب.
[email protected]