قديما كنا نسمع مقولة «الشارع يربي» حيث كان كبار السن يثقون بما في خارج المنزل من قيم وعادات وتقاليد تساهم في صقل وتربية الصبية لكون المجتمع بسيطا آنذاك وقوامه التآلف والمحبة والتواد، فكانوا لا يخشون على أبنائهم إذا ما كانوا خارج البيت لأن حدود الله والخوف منه تحيط بهم، وكان كذلك الاقران متشابهين في التربية وصفاتهم التي يتناقلونها فيما بينهم تكسب بعضهم البعض الأعمال الصالحة.
وحقيقة الأمر ان مقولة «الشارع يربي» تبدلت حاليا في هذا الوقت حيث اختلط حابل الأمور المرعبة بنابل الأشياء الدخيلة على المجتمع والتي ساهم التطور في مناحي الحياة فيها بشكل كبير حتى اصبح «الشارع يخرب» فكثر رفقاء السوء وزادت معدلات الجريمة واتسعت دوائر المخاطر بعد انتشار المخدرات والسلوكيات السلبية في هذا البلد، فلم يعد الشارع يربي كما كان، بل زاد الأمر سوءا ان الشارع اصبح مرتعا لكل شيء مخيف حتى بات الأب لا يأمن كثيرا على ابنه عند خروجه وغيابه عنه.
والأمر المحزن في ذلك عدم تدخل الجهات المسؤولة في مواجهة هذه الظواهر السلبية والسلوكيات من جهة، وهو أمر مهم، ومن جهة اخرى عدم قيام بعض الآباء بمسؤولياتهم في متابعة ابنائهم، والسؤال الدائم عمن يصادقون ومن هم «ربعهم»، وهو الأمر الذي كان يقوم به آباؤنا واجدادنا في السابق حيث ان متابعة الأب لابنه والسؤال الدائم عن تحركاته وتقديم النصائح له من مسؤوليات ولي الأمر حتى لا ينجرف الابن في وحل الأخطاء.
ورغم دور أولياء الأمور في هذه المرحلة العمرية المهمة واهمية ان يختلط الابن بأقرانه حتى يكتسب مهارات الحياة إلا ان الاكيد وفي ظل هذا الوقت بات الشارع لا يربي الأبناء وأصبح من المخاطر التي يجب ان يعي لها الأب، فالشارع لا يربي وانما التربية تكون في البيت أولا.
[email protected]